(وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) : «لم يعنوا أنّه هكذا ، ولكنّهم قد (١) قالوا : قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص ، فقال الله عزوجل تكذيبا لقولهم : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) أو لم (٢) تسمع الله عزوجل يقول : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (٣) (٤).
أقول : وفي هذا المعنى روايات أخر مرويّة في مجالس الشيخ وتفسيري العيّاشي والقمي (٥).
والكناية عن القدرة ببسط اليد وعن إنسلابها بغلّها وقبضها كناية شائعة في اللغة ، وكذا عن وجود القدرة بكمالها ببسط اليدين ، ولذلك ردّ قولهم : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) ، وقد أفردت اليد ، بقوله : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) فجاء بالتثنية وبالغ في الرد ، ثمّ أوضح ذلك بقوله : (يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) ، وذلك أنّ اليمين أقوى في الإنسان من اليسار ، والعضوان اللذان في عهدتهما عمدة أفعال القبض والبسط ، والأخذ والدفع ، أعني اليدين يمناهما تتكفل عمدة الأفعال القويّة في غالب الأفراد ، وفيما لا يستغني فيه عن اليدين معا من الأفعال تزيد اليمنى على صاحبتها ، فتكون اليسرى كالمتمّمة لفعلها ، فكان الفعل لليد اليمنى وعلى اليسرى تتميم نواقصه ، فهذا ما يعتقده الإنسان في اليد.
__________________
(١). في المصدر : ـ «قد»
(٢). في المصدر : «ألم تسمع»
(٣). سورة الرعد (١٣) : ٣٩.
(٤). معاني الأخبار : ١٨.
(٥). أمالي الطوسي : ٦٦١ ، مجلس ٣٥ ، الحديث : ١٨ ؛ تفسير القمي ١ : ١٧٠ ؛ تفسير العيّاشي ١ : ٣٣٠ ، الحديث : ١٤٦ ـ ١٤٨.