ومن هنا عدّ القدرة والقوة يدا فقيل : مغلول اليد ومبسوط اليد ؛ والنعمة والصنيعة يدا ، فقيل : لفلان يد على فلان ، ثمّ اشتقّ منه المصدر والفعل كالأيد ، وهو القوة والنعمة والتأييد وهو التقوية ، وإذا استعمل في الله كان المراد به القدرة ومبدأ الإفاضة ، وإذا أطلق اليدان معا مثّل به فعل اليدين معا في الإنسان كما عرفت وهو الفعل التامّ المشتمل على أصل الفعل وكماله ، قال سبحانه : (قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (١) ، يعني كمال الوجود ، وإذا تذكّرت ما مرّ في قوله : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (٢) ، تفهّمت معنى هذا الكمال ، واتّضح لك أيضا معنى قوله : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ).
وفي المعاني عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : في قوله : (قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (٣) ، قال : «اليد في كلام العرب القوّة والنعمة ، قال تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) (٤) ، (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ) ، أي بقوة ، (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (٥) قال : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (٦) أي قوّاهم ، ويقال : لفلان عندي يد بيضاء ، أي نعمة (٧)».
أقول : وسيأتي في سورة (ص) حديث آخر في تفسير اليد ، ويأتي تفسيره.
__________________
(١). ص (٣٨) : ٧٥.
(٢). البقرة (٢) : ٣٠.
(٣). ص (٣٨) : ٧٥.
(٤). ص (٣٨) : ١٧.
(٥). الذاريات (٥١) : ٤٧.
(٦). المجادلة (٥٨) : ٢٢.
(٧). معاني الأخبار : ١٥ ـ ١٦ ، الحديث : ٨.