إن يعذّبهم ؛ فإنّهم عباده يملكهم وله ما يريده فيهم ، وإن يغفر لهم فهو العزيز ، له ما يريد ، والحكيم لا وهن في حكمه ، ولكمال التجنّب عن الدخالة في أمرهم في جواباته عليهالسلام ، لم يقل : وإن تغفر لهم فإنّك أنت الغفور الرحيم بالتمسّك بوصفي المغفرة والمرحمة على ما فعله إبراهيم ـ عليهالسلام ـ فيما حكاه الله عنه عليهالسلام : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١) ، إذ المقام غير المقام كما عرفت.
هذا ؛ والآيات مع ذلك تشتمل من بارع أدب العبودية في مقام المشافهة ما يكلّ عن وصفه اللسان ويقصر دونه البيان.
هذا ؛ وفي تفسير العيّاشي : عن الباقر ـ عليهالسلام ـ في قوله : (قالَ اللهُ يا عِيسَى) ، قال عليهالسلام : «لم يقله وسيقوله ، إنّ الله إذا علم أنّ شيئا كائن أخبر عنه خبر ما قد كان» (٢).
أقول : يريد عليهالسلام أنّ التعبير بالماضي لتحقق الوقوع.
وفي التفسير أيضا عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في الآية ، قال : «إنّ الله إذا أراد أمرا أن يكون قصّه قبل أن يكون ، كأن قد كان» (٣).
أقول : كأنه يريد أنّ لمرادات الحق سبحانه وإن كانت زمانية ، حيثية غير زمانية محققة ، وهي المصححة للتعبير بالماضي في المستقبل.
وفي التفسير أيضا عن الباقر ـ عليهالسلام ـ في تفسير هذه الآية : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ، قال : إنّ الاسم
__________________
(١). ابراهيم (١٤) : ٣٦.
(٢). تفسير العياشي ١ : ٣٥١ ، الحديث : ٢٢٨.
(٣). تفسير العيّاشي ١ : ٣٥١ ، الحديث : ٢٢٩.