ولعلّ النكتة في التعبير بقوله : (مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) دون أن يقال : مثل حظّي الانثى هي الإشعار بذلك وأمر الآية في إيجازها لعجيب ، وقد اشتملت على وجازتها على حكم الطبقة الاولى من الورثة بجميع تقاديرها.
فمنها : الابن الواحد ، وله الجميع ؛ لقوله : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وقد قال : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) ، وكذا الابنان وما فوقهما مع عدم الأبوين ، ومع وجودهما : (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) سواء اجتمعا أو تفرّقا.
ومنها : البنت ، فلواحدتها النصف ، وللبنتين فصاعدا الثلثان مع عدم الأبوين ، ومع وجودهما أو أحدهما (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ).
ويمكن أن يتوهّم من اللفظ أنّ الجدّ والجدّة يرثان عند عدم الوالدين مع الابن والبنت ، والأخبار على خلافه ، وسيجيء بيان ذلك.
ومنها : أولاد الأولاد يرثون مع الأبوين وبدونهما قبل غيرهم من ذوي الأرحام ؛ وذلك لقوله : (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) ، والخطاب للورّاث دون الذين يتوفّون بقرينة قوله : (أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) ؛ إذ الكلام في الإرث فهو النفع ، فقوله : (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ) ، أي حتّى تتقدّموا في وراثته ، ولو لم يكن الآباء أقرب للإنسان نفعا لم يبدأ الله به ، فأولاد الأولاد يتقدّمون على الجدّ والجدّة ، فافهم ذلك. ويرثون مع الأب والأمّ ؛ لقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) ؛ إذ الكلام في الأبوين مع وجود الوالد ومع عدمه ، فلا وجه لتقييد قوله : (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ) ، بقوله : (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) ، إلّا أن يكون هناك صورة مع عدم الولد لا يرثه الأبوان فيها وهو صورة اجتماعهما مع ولد الولد ، فقوله : (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) كقوله : (وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) (١) ،
__________________
(١). النساء (٤) : ١٧٦.