به ، فيطلب من المعاهد ألا يضيعه ، أو : مسئولا عنه ، فيسأل عنه الناكث ويعاتب عليه ، أو : يسأل العهد نفسه لم نكثت ، تبكيتا للناكث ، (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ) ولا تبخسوا فيه ، (وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) ؛ بالميزان السوي. والقسطاس : لغة رومية ، ولا يقدح ذلك فى عربية القرآن ؛ لأن غير العربي ، إذا استعملته العرب ، فأجرته مجرى كلامهم فى الإعراب والتعريف والتنكير ، صار عربيا. قاله البيضاوي. (ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) أي : أحسن عاقبة ومآلا. والله تعالى أعلم.
الإشارة : ولا تقتلوا ما أنتجته الأفكار الصافية من العلوم ؛ بإهمال القلوب فى طلب رزق الأشباح ، خشية لحوق الفقر ، فإنّ الله ضامن لرزق الأشباح والأرواح. ولا تميلوا إلى الحظوظ ، التي تخرجكم عن حضرة الحق ؛ فإن ذلك من أقبح الفواحش. ولا تقتلوا النفس بتوالي الغفلة والجهل ، التي حرّم الله قتلها وإهمالها ، وأمر بإحيائها بالذكر والعلم ، ومن قتل بذلك مظلوما ؛ بحيث غلبته نفسه ، ولم تساعده الأقدار ، فقد جعلنا لعقله سلطانا ، أي : تسلطا عليها ؛ بمجاهدتها وقتلها وردها إلى مولاها ، فلا يسرف فى قتلها ، بل بسياسة وحيلة ، كما قال القائل :
واحتل على النّفس فربّ حيله |
|
أنفع فى النّصرة من قبيله |
إنه كان منصورا ، إن انتصر بمولاه ، وآوى بها إلى شيخ كامل ، قد فرغ من تأديب نفسه وهواه. وقد تقدم باقى الإشارة فى سورة الأنعام (١) وغيرها. وبالله التوفيق.
ثم قال تعالى :
(وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (٣٦) وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً (٣٧) كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (٣٨) ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً (٣٩) أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً (٤٠))
__________________
(١) راجع إشارة الآيتين : ١٥١ ـ ١٥٢ من سورة الأنعام.