(خالِدِينَ فِيهِ) أي : فى ذلك الوزر ، وهو العذاب ، أو فى ذلك الحمل الثقيل ؛ لاستمراره فيه بعد دخول النار ، (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) أي : بئس حملهم هذا يوم القيامة ، وإعادة يوم القيامة ؛ لزيادة التهويل.
(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) أي : ذلك اليوم هو يوم ينفخ فى الصور ، أو : اذكر يوم ينفخ فى الصور نفخة البعث ، (وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ) أي : المشركين (يَوْمَئِذٍ) أي : يوم ينفخ فى الصور ، وأعاده ، تهويلا ، حال كونهم (زُرْقاً) أي : زرق العيون. وإنما جعلوا كذلك ؛ لأن الزرقة أسوأ ألوان العين وأبغضها إلى العرب ، وكانت تتشاءم بزرقة العين ، كما قال الشاعر :
لقد زرقت عيناك يا ابن مكعبر |
|
ألا كلّ ضّبيّ من اللؤم أزرق. |
وقيل زرقا ، أي : عميا ؛ لأن حدقة العين تزرق من شدة العمى. وقيل : عطاشا ؛ لأن سواد العين يتغير من شدة العطش ويزرق.
(يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ) أي : يخفضون أصواتهم ويخفونها ؛ لما علا صدورهم من الرعب والهول. يقول فى تلك المخافتة بعضهم لبعض : (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً) أي : ما لبثتم فى الدنيا إلا عشر ليال ؛ استقصارا لمدة لبثهم فيها ، لزوالها ، أو لتأسفهم عليها ، لما شهدوا الشدائد والأهوال ، أو فى القبر ، وهو الأنسب بحالهم ، فإنهم ، حيث يشاهدون البعث الذي كانوا ينكرونه فى الدنيا ويعدونه من قبيل المحال لا يتمالكون من أن يقولوا ذلك ؛ اعترافا به ، وتحقيقا لسرعة وقوعه ، كأنهم قالوا : قد بعثتم وما لبثتم فى القبر إلا مدة يسيرة. وقيل : ما بين النفختين ، وهو أربعون سنة. روى أنه يرفع العذاب عن الكفار فى تلك المدة ، فيستقصرون تلك المدة إذا عاينوا أهوال يوم القيامة ، لأنهم فى طول مدتهم فى عذاب القبر لا يعقلون.
قال تعالى : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ) ، وهو مدة لبثهم ، أو نحن عالمون اليوم بما يقولون فى ذلك الوقت قبل وقوعه ، (إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً) أي : أعدلهم رأيا وأوفاهم عقلا : (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) ، ونسبة هذا القول إلى أمثلهم : استرجاع منه تعالى ، لكن لا لكونه أقرب إلى الصدق ، بل لكونه أدل على شدة الهول.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ) أي : عن مآل أمرها ، وقد سأل عنها رجل من ثقيف ، وقيل : مشركو مكة ، على طريق الاستهزاء ، (فَقُلْ) لهم : (يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) أي : يجعلها كالرمل ، ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها ، أو يقلعها ويطرحها فى البحار كالهباء المنثور ، (فَيَذَرُها) أي : يترك ما كان تحتها من الأرض (قاعاً