يقتلون حيث وجدهم.
قال الحسن : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) الأشهر الحرم في هذا الموضع الأشهر التي أجّلوا فيها والتي كانوا يحرمون فيها على المسلمين لأنّهم في عهد منها (١) ، آخرها عشر ليال يمضين من شهر ربيع الآخر ؛ وسمّاها حرما لأنّه نهى عن قتالهم فيها وحرّمه. وقول الكلبيّ مثل القول الأوّل : لهم خمسون ليلة إلى انسلاخ المحرّم ثمّ يقتلون حيث وجدوا.
قال : (فَإِنْ تابُوا) : أي من الشرك (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) : أي وأقرّوا بالزكاة ، لأنّ من المسلمين من لا تجب عليهم الزكاة (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥) : أي يغفر لهم الكفر إذا آمنوا. كقوله : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) [الأنفال : ٣٨].
وقال بعضهم في قوله : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ...) إلى آخر الآية ، قال : هم مشركون قريش الذين عاهدهم نبيّ الله زمان الحديبية ، وكان عهدهم أن لا إغلال ولا إسلال (٢). فغلّوا نبيّ الله ونكثوا العهد وظاهروا المشركين على المسلمين.
قوله : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) : ليسمع كلام الله (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) : فإن أسلم أسلم وإن أبى أن يسلم ف (٣) (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) : أي لا تحركه حتّى يبلغ مأمنه. قال الحسن : هي محكّمة إلى يوم القيامة.
وقال مجاهد : هو إنسان يأتيه فيسمع كلام الله ويسمع ما أنزل الله فهو آمن حتّى يبلغ مأمنه من حيث جاء. قال : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) (٦) : وهم المشركون.
__________________
(١) كذا في المخطوطات ، ولعلّ صوابها : «في عهد منهم».
(٢) لا إغلال ولا إسلال ، أي : لا خيانة ولا سرقة ، يقال : غلّ يغلّ غلولا ، وأغلّ ، بمعنى : خان خيانة. ورجل مغلّ مسلّ ، أي : صاحب خيانة وسلّة. قال شريح : ليس على المستعير غير المغلّ ولا على المستودع غير المغلّ ضمان ، أي : إذا لم يخن في العارية والوديعة فلا ضمان عليه. انظر اللسان (غلل).
(٣) في الآية القرآنيّة : (ثُمَّ أَبْلِغْهُ).