جباههم وجنوبهم وظهورهم. (هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) يعني من وجب عليه الإنفاق في سبيل الله.
ذكروا عن ابن مسعود أنّه قال : والذي لا إله غيره ، لا يكوى رجل بكنز فيمسي دينار دينارا ، ولا درهم درهما ، ولكن يوسّع لذلك جلده.
ذكروا عن أبي ذرّ وأبي هريرة أنّهما قالا : كلّ صفراء وبيضاء أوكى عليها صاحبها فهي كنز حتّى يفرغها ، فينفقها في سبيل الله.
ذكروا عن الزهريّ أنّه قال : نسخت آية الزكاة الكنز. وقال بعضهم : نسخت الزكاة كلّ صدقة كانت قبلها.
ذكروا عن ابن عمر أنّه قال : كلّ ما تؤدّى زكاته فليس بكنز ، وإن كان مدفونا ، وكلّ مال لا تؤدّى زكاته فهو كنز ، وإن كان ظاهرا. وذكروا عن ابن عبّاس مثل ذلك.
ذكر الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من أدّى زكاة ماله فقد أدّى حقّ الله في ماله ، ومن زاد فهو خير له (١).
قوله : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ) : [قال الحسن : في كتاب الله] (٢) الذي نسخ منه كتب الأنبياء وفي جميع كتب الله (يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) : رجب وذو القعدة وذو الحجّة ومحرّم (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) : يعني أنّه حرّم على ألسنة أنبيائه هذه الأربعة الأشهر.
قوله : (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) : أي في الاثني عشر كلّها. وفيها تؤدّى الزكاة في كلّ اثني عشر شهرا مرّة. وقد عظّم الله هذه الأربعة الأشهر فجعلها حرما. وقال
__________________
(١) ترجم البخاريّ في كتاب الزكاة : باب ما أدّى زكاته فليس بكنز. وأخرج الترمذيّ حديثا عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : «إذا أدّيت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك». وبهذا اللفظ الأخير أخرجه أيضا ابن ماجه في كتاب الزكاة ، باب ما أدّى زكاته فليس بكنز عن أبي هريرة (رقم ١٧٨٨).
(٢) زيادة من ز ، ورقة ١٢٦.