عمر بن الخطّاب يفضّل أهل الفضل في الإسلام ، ويخصّهم من الصدقة والفيء بما لا يخصّ به غيرهم لما يحتملون من أمور المسلمين ، ويشغلون أنفسهم بحوائج المسلمين عن حوائجهم. فأهل أن يفضّلوا ، وأهل أن يشرّفوا ، وأهل أن ينظر لهم المسلمون بما يسعهم ويقوتهم ويقوت عيالهم (١).
قوله : (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) أي : لهؤلاء الذين سمّى في هذه الآية. وذلك في جميع الزكاة ، في الذهب والفضّة والماشية والثمار والحبوب والزروع. (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) عليم بخلقه ، حكيم في أمره.
قوله : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) : يعني المنافقين.
قال الحسن : كانوا يقولون : ما هذا الرجل إلّا أذن ، من شاء صرفه حيث شاء ، [ليست له عزيمة] (٢) ، فقال الله : (قُلْ) يا محمّد (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) : أي هذا الرجل الذي تزعمون أنّه أذن ، خير لكم. (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) : [أي يصدّق الله ويصدّق المؤمنين] (٣) ، (وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) : أي : وهو رحمة للذينءامنوا منكم. أي إنّه رحمة للمؤمنين ، رحمهمالله بها ، واستنقذهم من الجاهليّة وظلمتها إلى النور ، وأنقذهم من النار إلى الجنّة.
وقال مجاهد : (وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) أي : سنقول له فيصدّقنا. يعني المنافقين يقولون : نحلف له فيعذرنا. وبعضهم يقرأها : (قُلْ أُذُن خَيْر لَكُمْ) ااي : هو أذن خير لكم.
قوله : [(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦١) يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ
__________________
(١) هذا كلام نفيس من الشيخ هود الهوّاريّ ، وتوجيه سديد من سيّدنا عمر رضي الله عنه. وليت جماعات المسلمين يفقهون هذا الكلام فيعرفون لذوي الفضل فضلهم ، ولمن يضحّون بجهدهم الفكريّ وبأوقاتهم الثمينة يصرفونها في سبيل إعلاء كلمة الله ، وفي سبيل الصالح العامّ ، فيكفونهم مؤونة العيش ويخفّفون عنهم وطأة الحياة إن كانوا محتاجين.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ١٢٩.
(٣) زيادة من ز ، ورقة ١٢٩.