ذكروا عن عون بن أبي جحيفة (١) عن أبيه قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلينا ساعيا فأمره أن يأخذ الصدقة من أغنيائنا فيجعلها في فقرائنا ، وكنت غلاما فأعطاني منها قلوصا.
ذكروا أنّ أوّل مكاتب كوتب في الإسلام أبو مؤمل على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أعينوا أبا مؤمل (٢). فأعطي حتّى فضل منه فضلة من مكاتبته ، فسأل عنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : أنفقها في سبيل الله.
ذكروا أنّ مكاتبا قام إلى أبي موسى الأشعريّ فقال : إنّي رجل مكاتب ، فحثّ عليّ الناس. قال : فحثّ أبو موسى عليه الناس. فألقى إليه من الدراهم والثياب حتّى قال : حسبي. فانطلق إلى منزله فوجد معه فضلة ثلاثمائة درهم. فسأل عن ذلك أبا موسى الأشعريّ ، فأمره أن يجعلها في مثله من الناس.
ذكروا أنّ مكاتبا كان في عهد عليّ تصدّق عليه ، ففضل عن مكاتبته فضل ، فأمره عليّ أن يجعله في المكاتبين.
قال : وكذلك الغارمون الذين لزمهم دين من غير فساد ، يجمع لهم من الصدقة ويأخذون منها كفاف ديونهم. فإن أعطوا أكثر من ذلك حتّى تفضل في أيديهم منه فضلة ردّوا تلك الفضلة على مثلهم في مثل حالهم.
وسئل بعض السلف عن الرجل العالم الفقيه الذي قد اتّخذه المسلمون سلفا وإماما ، فاستقلّ بأمور المسلمين والنظر في حوائجهم ، وهو فقير ، هل ينظر المسلمون له نظرا يغنونه عن المسألة ، ويفضّلونه على من سواه ممّن لم يحتمل من أمور المسلمين ما احتمل؟ فقال : نعم. وهل ينبغي للمسلمين إلّا هذا؟ وهل يجوز لهم أن يحتاج فيهم مثل هذا؟ وقد كان
__________________
(١) في ق وع «جحفة» ، وفي د : «حذيفة» ، وفي كلتا الكلمتين تصحيف صوابه : «جحيفة» كما جاء في الاستيعاب لابن عبد البرّ ، ج ٤ ص ١٦١٩ ـ ١٦٢٠.
(٢) لم أجد فيما بين يديّ في مصادر الحديث هذا الحديث ، ولم أعثر على اسم هذا الرجل المكنّى بأبي مؤمل فيما بين يديّ من تراجم الرجال. فهل هذا ممّا انفرد بروايته يحيى بن سلّام البصريّ؟.