ذكروا أنّ عليّا وابن عبّاس قالا : إنّما هو علم جعله الله ، ففي أيّ صنف منهم جعلتها أجزأك.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إنّ المسكين ليس بالطوّاف الذي تردّه الأكلة والأكلتان ، والتمرة والتمرتان ، ولكن الذي لا يجد ما يغنيه ولا يسأل الناس إلحافا (١). ذكروا عن الحسن قال : ليس للعاملين عليها ولا للمؤلّفة قلوبهم اليوم شيء ، إلّا ما جعل الإمام للعاملين عليها. وكان يقول : ليست بسهام تقرع (٢) ، ولكن على ما يرى الإمام ، فربما كان بنو السبيل قليلا والفقراء كثيرا. وربما كان الفقراء كثيرا والمساكين كثيرا. وكذلك المكاتبون والغارمون. وإنّما هو على ما يرى الإمام من كثرتهم وقلّتهم وفقرهم.
قال : (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) إذا لم يسعهم الفيء رضخ لهم من الصدقة.
(وَابْنِ السَّبِيلِ) : الرجل المنقطع به في الأرض ، فإنّه يرضخ له من الصدقة ، وإن كان في أرضه ذا مال كثير ، ولا يكون ذلك دينا عليه.
ذكر بعض السلف قال : إنّ حقّا على الناس إذا جاءهم المصدّق أن يرحّبوا به ، وأن يطعموه من طعامهم ، فإن أخذ الصدقة على وجهها فسبيل ذلك ، وإن تعدّى لم يضرّ إلّا نفسه ، وسيخلف الله عليهم. ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : المتعدّي في الصدقة كما نعها (٣).
ذكروا أنّ عقبة بن عامر الجهنّي قال : بعثني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ساعيا ، فاستأذنته أن نأكل من الصدقة فأذن لنا.
__________________
(١) انظر تخريجه فيما سلف ج ١ تفسير الآية ٢٧٣ من سورة البقرة (التعليق).
(٢) كذا في ق وع : «تقرع» ، وفي د وج : «توزع».
(٣) أخرجه الربيع بن حبيب في مسنده في كتاب الزكاة والصدقة ، باب الوعيد في منع الزكاة (رقم ٢٤٢) «عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا صلاة لمانع الزّكاة ـ قالها ثلاثا ـ والمتعدّي فيها كما نعها». قال الربيع : المتعدّي فيها هو الذي يدفعها لغير أهلها. وفي كتاب الخراج لأبي يوسف ص ١٧٥. «عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : ما مانع الصدقة بمسلم ، ومن لم يؤدّها فلا صلاة له».