يأتونه. فلمّا طال ذلك عليه دعا بقميصه ليأتيهم. قال : فإنه ليزرّه عليه إذ أتاه جبريل فقال : (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً) : يعني ذلك المسجد (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) : يعني مسجد قباء ، في تفسير الحسن. (أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (١٠٨) : أي من الذنوب.
ذكروا أنّه لمّا نزلت هذه الآية : (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا أهل قباء ، إنّ الله قد أحسن عليكم الثناء [في الطّهور] (١) فماذا تصنعون؟ قالوا نغسل أدبار المقاعد (٢).
وقال بعضهم : ذكروا لنا أنّ أناسا من أهل النفاق ابتنوا مسجدا بقباء ليضاهوا به مسجد نبيّ الله عليهالسلام. وبعثوا إلى نبيّ الله ليصلّي فيه. وذكر لنا أنّه أخذ قميصه ليأتيهم حتّى أطلعه الله على ذلك. وكان رجل فرّ من الإسلام يقال له أبا عامر ، فلحق بالمشركين فقتلوه بإسلامه (٣) وقالوا : إذا جاء صلّى فيه. قال مجاهد : (وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ) أي : لأبي عامر.
ذكروا عن عثمان وعليّ رضي الله عنهما في قوله : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) قالا : هو مسجد النبيّ عليهالسلام.
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٣٣.
(٢) كذا وردت هذه الجملة في المخطوطات الأربع : «نغسل أدبار المقاعد». وقد رويت بألفاظ منها : «إنّا نغسل منّا أثر الغائط والبول». و «إنّا نستطيب بالماء إذا جئنا من الغائط». والحديث أخرجه أحمد وابن خزيمة والطبرانيّ عن عويم بن ساعدة الأنصاريّ كما في تفسير الطبريّ. وأخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها ، باب الاستنجاء بالماء ، عن أبي أيّوب الأنصاريّ وجابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك. (رقم ٣٥٥) بلفظ : «يا معشر الأنصار ، إنّ الله قد أثنى عليكم في الطّهور. فما طهوركم؟ قالوا : نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ، ونستنجي بالماء. قال : فهو ذاك ، فعليكموه». وانظر : تفسير الطبريّ ، ج ١٤ ص ٤٨٣ ـ ٤٩٠.
(٣) في المخطوطات الأربع : «فألزموه بإسلامهم» ، وهو خطأ أثبتّ تصحيحه من تفسير الطبريّ ، ج ١٤ ص ٤٧٣ ، وانظر تعليق المحقّق هناك.