ذكروا أنّ ابن عمر قال : صفرة في سبيل الله خير من خمسين حجّة. قال : يعني بالصفرة أن يذهب زاده حتّى يبقى صفرا ليس معه طعام ، وإنّما يتقبّل الله من المتّقين.
ذكروا عن أبي المصبّح قال : غزونا مع مالك بن عبد الله الخثعميّ (١) أرض الروم ، فسبق الناس رجل ، ثمّ نزل يمشي ويسوق فرسه. فقال له مالك : يا عبد الله ، ألا تركب؟ فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : من اغبرّت قدماه في سبيل الله ساعة من نهار فهما حرام على النار (٢). وأصلح دابّتي لتقيني من قومي (٣). قال : فلم أر نازلا أكثر من يومئذ.
ذكروا عن سعيد بن المسيّب أنّه قال : العمل (٤) في سبيل الله يضاعف كما تضاعف النفقة الواحدة بسبعمائة.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان نار جهنّم في منخري عبد مسلم أبدا (٥).
قوله : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) : أي جميعا. قال الحسن : فيعروا مقام رسول الله. (فَلَوْ لا) : أي فهلّا (نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ
__________________
(١) هو الأمير أبو حكيم مالك بن عبد الله الخثعميّ ، الفلسطينيّ ، من أبطال الإسلام. كان أميرا على الجيوش في خلافة معاوية. قيل : إنّه قاد جيوش الصوائف أربعين سنة. وروي أنّه كان صحابيّا ، والراجح أنّه تابعيّ ، توفّي في حدود سنة ستّين للهجرة أو بعدها. انظر : ابن عبد البرّ ، الاستيعاب ، ج ٣ ص ١٣٥٣. والذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج ٤ ص ١٠٩.
(٢) أخرجه البخاريّ في كتاب فضائل الجهاد والسير ، باب من اغبرّت قدماه في سبيل الله عن أبي عبس بن عبد الرحمن بن جبر بلفظ : «ما اغبرّت قدما عبد في سبيل الله فتمسّه النار».
(٣) كذا وردت هذه الجملة هنا في المخطوطات ، وكأنّها أقحمت إقحاما ، ولم أفهم لها معنى ولا مناسبة. وهي غير موجودة في ز ، ورقة ١٣٤ ، حيث جاءت نهاية الحديث متّصلة بقول أبي المصبح : «فلم أر نازلا أكثر من يومئذ».
(٤) في المخطوطات : «الذكر في سبيل الله يضاعف ...» وأثبتّ ما جاء في ز ، فهو أنسب مقاما وأصحّ معنى.
(٥) حديث صحيح أخرجه أحمد ، وأخرجه النسائيّ في كتاب الجهاد ، باب من عمل في سبيل الله على قدميه ، عن أبي هريرة. وانظر البغوي ، شرح السنّة ، ج ١٠ ص ٣٥٤.