ثمّ احتجّ عليهم أيضا فقال : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ) : يعني القمر (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) : بالليل والنهار.
(ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ) : أي إنّ ذلك يصير إلى الحقّ والمعاد (١). ثمّ قال : (يُفَصِّلُ الْآياتِ) : أي نبيّنها (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٥) : وهم المؤمنون.
ثمّ قال : (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ) : من شمسها وقمرها ونجومها (وَ) ما خلق في (الْأَرْضِ) : من جبالها وأشجارها وثمارها وأنهارها (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (٦) : وهم المؤمنون.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) : [أي لا يخافون البعث ، وهم المشركون ، لأنّهم لا يقرّون بالبعث] (٢) (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها) : أي لا يقرّون بثواب الآخرة (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) (٧) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٨) : أي يعملون.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٩). ذكروا عن الحسن أنّ نبيّ الله قال : إنّ المؤمن إذا خرج من قبره صوّر له عمله في صورة حسنة فيقول له : ما أنت؟ فو الله إنّي لأراك امرأ صدق. فيقول : أنا عملك ، فيكون له نورا وقائدا إلى الجنّة. وأمّا الكافر فإذا خرج من قبره صوّر له عمله في صورة سيّئة وشارة سيّئة ، فيقول له : ما أنت؟ فو الله إنّي لأراك امرأ سوء ، فيقول : أنا عملك ، فينطلق به حتّى يدخله النار (٣).
__________________
(١) في ق وع : «إلى الحقّ والمعاد» وهو الصحيح ، وكذلك جاءت الكلمة في ز ، ورقة ١٣٦. وفي د وج : «إلى الحقّ والميعاد».
(٢) زيادة من ز ، ورقة ١٣٦. وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة ، ج ١ ص ٢٧٥ : (الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) «مجازه : لا يخافون ولا يخشون ، وقال :
إذا لسعته النّحل لم يرج لسعها |
|
وحالفها في بيت نوب عوامل» |
(٣) أخرجه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ١٥ ص ٢٧ عن قتادة مرسلا ، وانظر : الدر المنثور للسيوطي ، ج ٣ ـ