قوله : (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ) : أي من بعد الهالكين جعلناكم خلفاء في الأرض من بعدهم. (لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (١٤).
قوله : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا) : أي الذين لا يؤمنون بالبعث (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ) : أي أو بدّل آية الرحمة بآية العذاب ، أو بدّل آية العذاب بآية الرحمة [وهذا قول] (١) مشركي العرب.
قال الله لنبيّه محمّد عليهالسلام (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) : أي من عندي (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٥).
(قُلْ) يا محمّد (لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ) يعني القرآن (وَلا أَدْراكُمْ بِهِ) أي ولا أعلمكم الله به (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ) : أي من قبل القرآن لا أدّعى هذه النبوّة. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٦) : قال : لبثت أربعين سنة ضالّا. ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : إنّ النبيّ عليهالسلام بعث وهو ابن أربعين سنة.
قوله : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) : يقول : لا أحد أظلم منه. وهذا على الاستفهام ، قال : (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) (١٧) أي المشركون. قوله : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ) إن لم يعبدوه (وَلا يَنْفَعُهُمْ) إن عبدوه ، يعني الأوثان (وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) : أي إنّ الأوثان تشفع لهم ـ زعموا ـ عند الله ليصلح لهم معايشهم في الدنيا من غير أن يقرّوا بالبعث. قال الله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) [النحل : ٣٨]. قوله : (قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) : أي لا يعلم أنّ في السماوات ولا في الأرض إلها غيره. وهو كقول مؤمن آل فرعون : (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ) [غافر : ٤٢] أي : لا أعلم أنّ في السماوات والأرض إلها
__________________
(١) في المخطوطات اضطراب وحذف ، فأثبتّ ما يقتضيه سياق الكلام.