أخرى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (٣٧) [الأنبياء : ٣٧] ، أي إنّ آدم خلق آخر ساعات النهار من يوم الجمعة بعد ما خلق الله الخلق. فلمّا أحيا الله الروح في عينيه ورأسه ولم يبلغ أسفله قال : ربّ استعجل بخلقي ، قد غربت الشمس ؛ فهو قوله : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ).
قوله : (فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) : يعني أهل الشرك (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١١) : قال الحسن : في كفرهم يتمادون. وقال غيره : في ضلالتهم يلعبون. قال : والضلالة والكفر واحد.
قوله : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ) : يعني المرض. والإنسان ههنا المشرك. (دَعانا لِجَنْبِهِ) : أي وهو مضطجع على جنبه (أَوْ قاعِداً) : يقول : أو دعانا قاعدا (أَوْ قائِماً). قال : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) : أي مرّ معرضا عن الله عزوجل الذي كشف عنه الضرّ. (كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) ، أي : لنكشفه عنه.
(كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ) : أي للمشركين (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٢).
قوله : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ) : يريد من أهلك من القرون السالفة (لَمَّا ظَلَمُوا) : أي : لمّا أشركوا ، وهذا ظلم شرك. (وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) : فكذّبوا رسلهم فأهلكهم الله. قوله : (وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) : [أخبر بعلمه فيهم] (١). ذكروا عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عبّاس أنّه كان يقرأ هذا الحرف (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٩٥) [الأنبياء : ٩٥]. قال : وجب على قرية أهلكناها أنّهم لم يكونوا ليؤمنوا (٢). قوله : (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (١٣) : وهذا جرم شرك. يقول : كذلك نجزي القوم المشركين. يعني ما عذّبهم به في الدنيا فأهلكهم حين كذّبوا رسلهم ولهم في الآخرة النار.
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٣٦.
(٢) انظر : ابن جني ، المحتسب ، ج ٢ ص ٦٥ ـ ٦٦.