التي عبدها المشركون في الدنيا. قال الحسن : إنّ الله يحشر الأوثان المعبودة في الدنيا بأعيانها ، فتخاصم عبّادها الذين عبدوها في الدنيا.
قال : (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) : (١) أي بالمسالة ؛ فسألنا المشركين على حدة ، والأوثان على حدة. (وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ) : يعني الأوثان تقول للمشركين (ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) (٢٨) : أي ما كانت عبادتكم إيّانا دعاء منّا لكم ، وإنّما كان دعاكم إلى عبادتنا الشيطان. وهو كقوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) يعني الصابين ومن عبد الملائكة (وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) يعني الملائكة (فَيَقُولُ) للملائكة (أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) (١٧) على الاستفهام ، وهو أعلم بذلك ، تعالى وتقدّس. (قالُوا) أي : الملائكة (سُبْحانَكَ) ينزّهون الله عن ذلك (ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) [الفرقان : ١٧ ـ ١٨] أي : ما كان ينبغي لنا أن نتولّاهم على عبادتهم إيّانا دونك ، ولم نفعل ذلك. وبعضهم يقرأها : (ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ). يقول : ما كان ينبغي لنا أن يتّخذونا أولياء من دونك يعبدوننا.
قوله : (فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا) : [أي لقد كنّا] (٢) (عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) (٢٩) : أي إنّا لم نأمركم بذلك.
قوله : (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) : ذكروا أنّ مجاهدا قال : هنالك تختبر كلّ نفس ما أسلفت ، أي تختبر ثواب ما أسلفت في الدنيا.
وقال بعضهم عن مجاهد : تخبر. وهي تقرأ على وجه آخر : (هُنالِكَ تَتلُوا) أي : تتّبع كلّ نفس ما أسلفت.
__________________
(١) قال الفرّاء في معاني القرآن ، ج ١ ص ٤٦٢ : «وقوله : (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) ليست من «زلت» إنّما هي من «زلت ذا من ذا» : إذا فرّقت أنت ذا من ذا. وقال : (فَزَيَّلْنا) لكثرة الفعل. ولو قلّ لقلت : زل ذا من ذا ، كقولك : مذ ذا من ذا. وقرأ بعضهم : (فَزَايلْنا بَيْنَهُمْ)».
(٢) زيادة من ز ، ورقة ١٣٩. و «إن» في قوله : (إِنْ كُنَّا) هي مخفّفة من الثقيلة. واللام في قوله : (لَغافِلِينَ) هي اللام الفارقة بين إن المخفّفة وإن النافية.