قال الله لمحمّد عليهالسلام : (قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) أي : النبوّة (وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) أي : بالقرآن (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) أي : من عذاب الله (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) أي : إن القضاء إلّا لله ، أي : إنّما ذلك إلى الله (يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) (٥٧) [الأنعام : ٥٧] أي : القاضين.
قوله : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً) : يخبرهم أنّ الذي يستعجلون به من العذاب ليس في يده. (إِلَّا ما شاءَ اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً) : عن عذاب الله إذا نزل بهم (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٤٩) : العذاب ، أي : فيعذّبون قبل أن يأتيها رسولها بكتابها من عند الله بعذابها. وهو كقوله : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) (٤) [الحجر : ٤] أي : يأتيها به رسولها ، ووقت ذلك الكتاب أن يكذّبوا رسولهم فيدعو عليهم بأمر الله فيهلكهم الله.
قوله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً) : أي ليلا (أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) (٥٠) : أي المشركون.
(أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) : وهو على الاستفهام. يقول : ماذا يستعجلون به من عذاب الله ، فإنّه سينزل بهم فيؤمنون به ، إذا نزل بهم العذاب فلا ينفعهم الإيمان ولا يقبل منهم عند نزول العذاب ويصيرون إلى النار (١) ، ويقال لهم : إذا آمنوا عند نزول العذاب : (آلْآنَ) : أي : آلآن تؤمنون به (وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) (٥١) : يعني بالعذاب. يقول : قد نزل بكم ما كنتم تستعجلون به من عذاب الله فآمنتم حين لا ينفعكم الإيمان. وقد قال لفرعون : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (٩١) [يونس : ٩١] أي : لا ينفعك الإيمان عند نزول العذاب.
وكقوله : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) أي : عذابنا إذا نزل بهم (قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) أي : عذابنا (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ
__________________
(١) كذا وردت هذه العبارة بما فيها من تكرار مملّ لبعض كلماتها ، وهي واضحة المعنى بأقل من هذا.