وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) [آل عمران : ١٠٥]. وكقوله : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (٥٣) [المؤمنون : ٥٣] وهم أهل الكتاب. (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٩٣).
قوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) : [يعني من آمن منهم] (١). ذكروا لنا أنّ رسول الله قال : لا أشكّ ولا أسأل (٢).
قال الحسن : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) يقول : لو سألت الذين يقرأون الكتاب من قبلك لأخبروك ، وليس يقول : سلهم لتعلم ذلك منهم.
قال : (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) (٩٤) : أي من الشاكّين. (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٩٥).
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) (٩٦) : وهم الذين يلقون الله عزوجل بكفرهم. (وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) (٩٧) : أي الموجع. أي : إنّ الآية إذا جاءتهم فلم يؤمنوا جاءهم العذاب ، فإذا رأوا العذاب آمنوا فلا يقبل منهم.
قوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها) : يقول : لو آمنت قبل نزول العذاب عليها لنفعها إيمانها ، فلم يفعل ذلك أهل قرية فيما خلا (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا) : أي قبل أن ينزل عليهم العذاب (كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ) : أي عذاب الهون (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) : أي عن الذين لو كانوا لم يؤمنوا قبل أن ينزل بهم العذاب نزل بهم الخزي. ولو كان نزل بهم ثمّ آمنوا لم يقبل منهم الإيمان. قال الله : (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٨٥) [غافر : ٨٥].
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٤٢.
(٢) أخرجه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ١٥ ص ٢٠٢ عن قتادة مرسلا.