قال بعضهم : يقول : لم يكن هذا في الأمم قبلكم ، لم يكن ينفع قرية كفرت ثمّ آمنت حين عاينت عذاب الله إلّا قوم يونس (١).
وقال : ذكر لنا أنّ قوم يونس كانوا من أرض الموصل. فلمّا فقدوا نبيّهم قذف الله في قلوبهم التوبة ، فلبسوا المسوح ، وفرّقوا بين كلّ بهيمة وولدها ، فحجّوا إلى الله أربعين ليلة. فلمّا عرف الله الصدق من قلوبهم ، والتوبة والندامة على ما مضى منهم ، كشف عنهم العذاب بعد ما نزل بهم.
وقال بعضهم : كان بينهم وبين العذاب أربعة أميال.
وذكروا أنّ مجاهدا قال : (فَنَفَعَها) أي : كما نفع قوم يونس إيمانهم ، فلم يكن ذلك. قوله : (كَشَفْنا عَنْهُمْ) ، أي : صرفنا عنهم.
قوله : (وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (٩٨) : يعني إلى الموت بغير عذاب.
قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٩٩) : على الاستفهام ؛ أي : لا تستطيع أن تجبر الناس على الإيمان ، إنّما يؤمن من أراد الله أن يؤمن.
قوله : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) (١٠٠) : أي رجاسة الكفر بكفرهم.
قوله : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ) : أي من شمسها وقمرها ونجومها وما فيها من العجائب (وَالْأَرْضِ) : أي من بحارها وشجرها وجبالها ، أي : ففي هذه آيات وحجج عظام.
ثمّ قال : (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (١٠١) : أي : ما تغني عنهم
__________________
(١) جاءت عبارة أبي عبيدة في مجاز القرآن ، ج ١ ص ٢٨٤ أوجز وأوضح. قال : «ثمّ استثنى منهم فقال : إلّا أنّ قوم يونس لمّا رأوا العذاب آمنوا فنفعهم إيمانهم فكشفنا عنهم عذاب الخزي».