قوله : (وَإِلى مَدْيَنَ) أي وأرسلنا إلى مدين تبعا للكلام الأوّل (أَخاهُمْ شُعَيْباً) : هو أخوهم في النسب ، وليس بأخيهم في الدين.
(قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) : أي بخير من الله في السعة والرزق. وقال بعضهم : رأى عليهم يسرا من يسر الدنيا ، وكانوا أصحاب تطفيف في الكيل ونقصان في الميزان. (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) (٨٤) : أي يحيط بكم عذاب الله في الدنيا قبل عذاب الآخرة. (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) : أي بالعدل (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) : أي ولا تنقصوا الناس حقّهم الذي لهم. وقال بعضهم : ولا تظلموا ، وهو واحد.
قوله : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٨٥) : أي ولا تسيروا في الأرض مفسدين. وقال الحسن : ولا تكونوا في الأرض مفسدين.
قوله : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ) : قال بعضهم : حظّكم من ربّكم خير لكم ، يعني الجنّة. (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) : أي إن آمنتم.
[قال] بعضهم : ما أبقى الله لكم من أموالكم الحلال هو خير لكم ممّا تبخسون الناس (١). وقال مجاهد : (بَقِيَّتُ اللهِ) : طاعة الله.
قوله : (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) (٨٦) : أي أحفظ أعمالكم عليكم حتّى أجازيكم.
قوله : (قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) : يعنون أوثانهم. (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا) : أي أو أن نترك [أن نفعل] (٢). وبعضهم
__________________
ـ جابر بن عبد الله مرفوعا بلفظ : «إنّ أكثر ما أتخوّف على أمّتي ...».
(١) هذا الوجه من التأويل هو أقرب الوجوه إلى الصواب ، وهو ما ذهب إليه الفرّاء في معاني القرآن ، ج ٢ ص ٢٥ ، واختاره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ٢٠٨.
(٢) زيادة لا بدّ منها لإيضاح المعنى. قال الفرّاء في معاني القرآن ، ج ٢ ص ٢٥ : «معناه : أو تأمرك أن نترك أن ـ