يَظْلِمُونَ) (٤٠) [العنكبوت : ٤٠] ، يعني بشركهم وتكذيبهم رسلهم. ولو آمنوا لم يهلكوا بالعذاب.
قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) : أي على الإيمان. مثل قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) [يونس : ٩٩] (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) (١١٨) (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) : والمختلفون هم الكفّار ، وهم في اختلاف [على أديان شتى] (١) ، في تفسير مجاهد وغيره ، مثل قوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) (٥) [سورة ق : ٥] أي : ملتبس. وعامّة الناس كفّار.
وقوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) وهم المؤمنون ، لا يختلفون في البعث كما اختلف الكفّار ، وهم في شكّ منه ، وذلك منهم اختلاف ، وهم منه في لبس. فأهل رحمة الله أهل جماعة وإن تفرّقت ديارهم ، وأهل معصية الله أهل فرقة وإن اجتمعت ديارهم. والآية محتملة لاختلاف الكفّار في البعث وشكّهم فيه ، واختلاف من اختلف من أهل القبلة ممّا شرعوا من الأديان ما لم يأذن به الله ، وادّعائهم على الله في ذلك الكذب ، وبقولهم في ذلك على الله ما لا يعلمون (٢).
قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) : قال الحسن : للاختلاف ، وتلا هذه الآية : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) (٣) [النبأ : ١ ـ ٣]. ولا اختلاف اليوم أعظم وبالا ولا أشدّ فرقة ولا ادّعاء على الله من مختلفي أهل القبلة فيما شرعوا من أديانهم ، وتقوّلوا على الله من أباطيلهم. قال : ولذلك خلق أهل الرحمة لا يختلفون.
قوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) : أي وسبقت كلمة ربّك (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١١٩) : أي : من كلا الفريقين : الجنّ والإنس ، يعني الكفّار أهل النار. كقوله : (اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) (١٨)
__________________
(١) زيادة من تفسير مجاهد : ص ٣٠٩.
(٢) بعض هذه الجمل في هذه الفقرة والتي تليها من كلام الشيخ هود ولا شكّ ، وهي غير واردة في ز.