قال الله : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) : يعني أرض مصر وما أعطاه الله وما مكّنه (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) : قال مجاهد : تعبير الرؤيا. (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) : هو مثل قوله : (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) [الطلاق : ٣] (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٢١) : وهم المشركون.
قوله : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) : [يقال : بلغ عشرين سنة] (١) (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) : قال الحسن : أعطي الرسالة عند هذه الحال ، وقد كان أعطي النبوّة قبل ذلك في الجبّ. (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٢٢).
قوله : (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ) : أي : امرأة العزيز (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ) أي : هلمّ لك. وهي تقرأ على وجه آخر : (هَيْت لَكَ) أي : تهيّأت لك (٢) (قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي) أي سيّدي ، يعني العزيز (أَحْسَنَ مَثْوايَ) : أي أكرم منزلتي (٣). (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (٢٣). ذكروا أنّ أوّل ما قالت : يا يوسف ، ما أحسن شعرك! قال : أما إنّه أوّل شيء يبلى منّي.
قوله : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) : أي ما أرادته به على نفسها حين اضطجعت له (وَهَمَّ بِها) : أي حلّ سراويله (٤). قال : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ).
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٥٣.
(٢) أشار بعض المفسّرين إلى هذا المعنى ، وقد أنكره أبو عمرو بن العلاء إنكارا شديدا كما أخبر به أبو عبيدة معمر في مجاز القرآن ، ج ١ ص ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ، ونقله عنه الطبريّ ، وذكر مختلف قراءات اللفظة في تفسيره ، ج ١٦ ص ٢٥ ـ ٣١.
(٣) كذا جاء تفسير كلمة «مثواي» ، و «مثواه» قبلها ، بالمنزلة ، وكذلك جاءت منسوبة إلى قتادة في تفسير الطبريّ ، ج ١٦ ص ١٨. وأصحّ من ذلك وأدقّ تعبيرا أن يقال عن الأولى ما ذكره الطبريّ : «أكرمي موضع مقامه وذلك حيث يثوي ويقيم فيه». وإنّ المثوى هو المنزل والمقام ، كما ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ٢١٤ ، والزمخشريّ في الكشّاف ، ج ٢ ص ٤٥٤. وقال البخاريّ في كتاب التفسير تفسير سورة يوسف : «مثواه مقامه».
(٤) كذا في المخطوطات وفي ز ورقة ١٥٣. وهو منكر من القول وزور. وقد وردت في كتب التفسير أقوال ـ