(ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) (٦٥) : [قال السدّيّ : يعني سريعا لا حبس فيه] (١). وقال الحسن : أي : يسير علينا الكيل ، لأنّه قد كان القوم يأتونه للمير (٢) ، فيحبسون الزمان حتّى يكال لهم. وبعضهم يقول : (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) هذا من قول الله.
قوله : (قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) : أي حتّى تعطون موثقا من الله (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) : أي إلّا أن تغلبوا عليه. وقال بعضهم : أي : إلّا أن تهلكوا جميعا.
(فَلَمَّا آتَوْهُ) : أي أعطوه (مَوْثِقَهُمْ قالَ) يعقوب : (اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (٦٦) : أي حفيظ لهذا العهد.
قوله : (وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) : قال بعضهم : خشي على بنيه العين ؛ وكانوا ذوي صورة وجمال.
ذكروا عن أسماء بنت عميس (٣) أنّها قالت : يا رسول الله ، إنّ بني جعفر أسرع شيء إليهم العين ، أفأسترقي لهم؟ فقال : ((استرقي لهم. لو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين)) (٤).
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٥٦.
(٢) المير ، مصدر مار ، يمير ، ميرا ، أي : اشترى الطعام وجلبه لأهله أو لغيره ، والميرة : الطعام الممتار.
(٣) هي أسماء بنت عميس الخثعميّة ، من السابقات إلى الإسلام. تزوّجت جعفر بن أبي طالب ، وهاجر بها إلى الحبشة ، فولدت له بها عبد الله ، ومحمّدا ، وعونا. ولمّا توفّي جعفر تزوّجها أبو بكر ، فولدت له محمّدا. ولمّا توفّي أبو بكر تزوّجها عليّ بن أبي طالب ، فولدت له يحيى ، قيل : وعونا. وقد حفظت أحاديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم رواها الصحابة والتابعون. انظر ترجمتها في الاستيعاب لابن عبد البرّ ، ج ٤ ص ١٧٨٤ ، وفي سير أعلام النبلاء للذهبيّ ، ج ٢ ص ٢٠٤ ـ ٢٠٧ ، وفي غيرهما من كتب الرجال.
(٤) حديث صحيح أخرجه الترمذيّ في كتاب الطبّ ، باب ما جاء في الرقية من العين (رقم ٢٠٦٠). وأخرجه ابن ماجه في كتاب الطبّ ، باب من استرقى من العين (رقم ٣٥١٠) كلاهما يرويه من طريق عبيد بن رفاعة الزرقي عن أسماء بنت عميس. وأخرجه مسلم بغير هذه الألفاظ في كتاب السّلام ، باب استحباب الرقية من العين (رقم ٢١٩٨) عن جابر بن عبد الله.