بَصِيرَةٍ) : [أي : على يقين] (١) (أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) : أي أنا على الهدى ومن اتّبعني على بصيرة ، أي : على الهدى الذي أتانا من ربّنا (وَسُبْحانَ اللهِ) : أمره أن ينزّه الله عمّا قال المشركون (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٠٨).
قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) : قال الحسن : لم يبعث الله نبيّا من أهل البادية ، ولا من النساء ، ولا من الجنّ. قال : لأنّ أهل القرى كانوا أعلم وأحلم من أهل العمود (٢).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ((فضيلة أهل المدائن على أهل القرى كفضيلة الرجال على النساء ، وفضيلة أهل القرى على أهل العمود كفضيلة الرجال على النساء ، وأهل الكفور كأهل القبور)). فقيل : ما الكفور؟ قال : ((البيت بعد البيت)) (٣). ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ((ما من ثلاثة يكونون في قرية أو بدو ولا يجمعون للصلاة إلّا استحوذ عليهم الشيطان. وإنّما يأخذ الذئب من الغنم القاصية)) (٤).
ذكروا عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ((الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم ، يأتي الشاذّة والقاصية والناحية. عليكم بالمساجد والجماعة والعامّة ، وإيّاكم والشعاب)) (٥).
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١٥٨.
(٢) أهل العمود ، وأهل العماد ، هم أهل الأخبية الذين يعيشون في البادية. نسبوا إلى العمود ، وهو الخشبة التي تنصب وسط الخباء ، ويقوم عليها البيت وإليها يسند. فكان أعمدة الخيام تلازمهم في حلّهم وترحالهم فأضيفوا إليها.
(٣) لم أجد فيما بين يديّ من مصادر الحديث هذا الحديث. وقد نسب ابن منظور في اللسان : (كفر) جملة من هذا الحديث ، وهي قوله : «أهل الكفور كأهل القبور» ، إلى معاوية. والكفر في اللغة هي القرية عند أهل الشام ومصر. انظر المعرّب للجواليقي ، ص ٣٣٤. ولعلّ يحيى بن سلّام ذكر سند هذا الحديث.
(٤) أخرجه أحمد في مسنده ، وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة ، باب في التشديد في ترك الجماعة ، (رقم ٥٤٧). وأخرجه النسائيّ في كتاب الإمامة ، باب التشديد في الجماعة.
(٥) أخرجه أحمد في مسنده.