تَعْلَمُونَ (٧) وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ) (٩) [الأنبياء : ٧ ـ ٩]. قوله : (كذّبوا) [أي : ما] (١) وعدوا. كان الرسل وعدوا أن ينزل على قومهم العذاب إن لم يؤمنوا ، فظنّ القوم أنّ الرسل كذّبوا بما وعدوا به ، أي : من مجيء العذاب.
وكان الحسن يقرأها بالتثقيل : (كذّبوا) ، وتفسيرها حتّى إذا استيئس الرسل من أن يجيبهم قومهم بشيء قد علموه من قبل الله ، (وظنّوا) أي : وظنّ الرسل ، أي : وعلموا أنّهم قد كذّبوا التكذيب الذي لا يؤمن القوم بعده أبدا ، استفتحوا على قومهم بالدعاء عليهم ، أي : حين أذن الله بالدعاء عليهم ، فدعوا عليهم ، فاستجاب الله فأهلكهم (٢).
وقوله : (جاءَهُمْ نَصْرُنا) : أي عذابنا (فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ) : أي النبيّ والمؤمنين (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا) : أي : عذابنا (عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (١١٠) : أي عن القوم المشركين.
قوله : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ) : يعني قصص يوسف وإخوته (عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) : أي لذوي العقول يعتبرون بها ، وهم المؤمنون.
قوله : (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) : أي ما كان يفتريه محمّد ، أي : لقول المشركين (إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ) [الفرقان : ٤] أي : كذب افتراه ؛ يعنون محمّدا صلىاللهعليهوسلم وعلى جميع الأنبياء. قال الله : (ما كانَ) يعني القرآن (حَدِيثاً يُفْتَرى) أي : يفتعل ويتقوّل (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) : أي من التوراة والإنجيل. وفيها تصديق بالقرآن والإيمان به وبمحمّد عليهالسلام. (وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ) : أي في الحلال والحرام والأحكام والوعد والوعيد (وَهُدىً) : يهتدون به إلى الجنّة (وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١١١) : أي : يصدّقون.
__________________
(١) في المخطوطات «كذبوا ، وعدوا» (كذا) ، وزدت ما بين المعقوفين ليصحّ المعنى.
(٢) اقرأ سؤال عروة بن الزبير خالته عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها عن قوله تعالى في هذه الآية ، وكيف فسّرت الآية على قراءة من قرأ بالتثقيل : (كذّبوا) في كتاب التفسير من سورة يوسف ، باب (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) اقرأ ذلك في فتح الباري ، ج ٨ ص ٣٦٧ ـ ٣٧٠. وانظر مختلف قراءات هذا اللفظ : «كذبوا» ومعانيها في تفسير الطبريّ ، ج ١٦ ص ٢٩٦ ـ ٣١١.