اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) (١١٢) وهم أهل مكّة (وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ) (١١٣) [النحل : ١١٢ ـ ١١٣]. وذلك العذاب هو الجوع الذي كان أصابهم ، ثمّ عذّبوا بعد ذلك بالسيف يوم بدر.
قال : (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً) : يعني عذابا (١) (فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) (١١) : يمنعهم من عذاب الله.
قوله : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) : يخاف أذاه [ومعرّته] (٢) والنصب فيه ، وطمعا للمقيم يرجو منفعته وبركته ويطمع في رزق الله.
وبعضهم يقول : خوفا من البرد أن يهلك الزرع ، وطمعا في المطر أن ينتفع به في الزرع (٣). وتفسير الحسن : (خوفا) : يخيف به عباده لما فيه من الخوف والصواعق ، (وطمعا) يرجون به المطر. وقال : والبرق ضوء خلقه الله علما للمطر.
قوله : (وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) (١٢) : قال مجاهد : هي التي فيها الماء. وهو مثل قوله : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً) [الأعراف : ٥٧].
قوله : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) : أي والملائكة أيضا يسبّحون بحمده من خيفته.
قال بعضهم : والرعد ملك يزجر السحاب بالتسبيح. وكان بعض الصحابة إذا سمع الرعد قال : سبحان من يسبّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته.
__________________
(١) في المخطوطات : «يعني استئصالهم» ، وأثبتّ ما في ز ، ورقة ١٦٠ لأنّه أنسب وأعمّ. قال أبو عبيدة في مجاز القرآن : «(وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً) مضموم الأوّل ، ومجازه : هلكة ، وكلّ جذام وبرص وعمى ، وكلّ بلاء عظيم فهو سوء مضموم الأوّل ، وإذا فتحت فهو مصدر سؤت القوم ...».
(٢) زيادة من ز ، ورقة ١٦٠.
(٣) كذا في ق وع : «أن ينتفع به في الزرع» ، وهو أنسب ، وفي ج ود : «ينتفع به في الرزق».