وقال الكلبيّ : هو ملك اسمه الرعد ، والصوت الذي يسمع هو تسبيحه ، يؤلّف به السحاب بعضه إلى بعض ، ثمّ يسوقه حيث أمر. وبعضهم يقول : كما يسوق الحادي الإبل.
ذكروا عن عبد الله بن عمر قال : ليس شيء أشدّ سياقا من السحاب. ذكروا عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قال : البرق مخاريق الملائكة.
ذكروا عن ابن عبّاس أنّه كتب إلى أبي الجلد يسأله عن البرق ، فكتب إليه أنّ البرق ماء (١).
وقال بعضهم : إنّ البرق لمحة يلمحها الملك إلى الأرض ، وهو الملك الذي يزجر السحاب.
وذكر بعضهم قال : من سمع الرعد فقال : سبحان ربّي وبحمده ، لم تصبه صاعقة.
قوله : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) : ذكروا عن الحسن أنّ الملك يزجر السحاب بسوط من نار ، وربما انقطع السوط ، وهو الصاعقة (٢).
__________________
(١) هو أبو الجلد جيلان بن فروة الأسديّ البصري. قال عنه ابن أبي حاتم : صاحب كتب التوراة ونحوها. وثّقه ابن سعد ، وابن حبّان. وقد روى الطبريّ بسند هذا الخبر في تفسيره ، ج ١ ص ٣٤٠. وفيه أنّ ابن عبّاس كتب إليه يسأله عن الرعد فأجابه أبو الجلد فقال : الرعد ملك. وبنفس السند روى الطبريّ في ج ١٦ ص ٣٨٧ هذا الخبر : «كتب ابن عبّاس إلى أبي الجلد يسأله عن البرق ، فقال : البرق ، الماء».
(٢) لا أساس لهذه الأقوال كلّها من كتاب أو سنّة صحيحة ، وهي وأمثالها من الإسرائيليّات التي شحنت بها كتب التفسير الأولى ، ونقلها الرواة بدون تمحيص. فنحن نؤمن بأنّ الرعد يسبّح مصداقا لقوله تعالى في هذه الآية ، وفي الأخرى في قوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء : ٤٤] ، ولكن لا نصدّق أبدا أنّ الرعد اسم ملك ، أو أنّ البرق مخاريق الملائكة ، أو أنّه لمحة ملك يزجر السحاب. وهذا قبل أن يأتي العلم الحديث فيفنّد كلّ هذه الأقوال الخرافيّة. ومن العجب أن يكتب هذا بعض المفسّرين وينسبون أمثال هذه الأباطيل إلى الصحابة ، ويروون هذه الأساطير وهم يتلون قوله تعالى من سورة النور : ٤٣ : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) فاللهمّ إنّا نعوذ بك من الجهل ومن العجز والكسل ، ووفّقنا يا ربّ إلى التفكير في آياتك المجلوّة في الأكوان ، وإلى تدبّر آياتك المتلوّة في القرآن ، وألهمنا الرشاد في أمرنا ، والسداد في قولنا ، والصلاح في عملنا ، ـ