قوله : (وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ) : أي المشركون يجادلون نبيّ الله ، أي : يخاصمونه في عبادتهم الأوثان دون الله (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) (١٣).
ذكروا أنّ رجلا أنكر القرآن (١) وكذّب بالنبيّ عليهالسلام ، فأرسل الله عليه صاعقة فأهلكته ، فأنزل الله : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ).
قال بعضهم : المحال : القوّة والحيلة. وقال مجاهد : شديد القوى. وقال الحسن : شديد النقمة. وقال الكلبيّ : شديد الجدال.
قوله : (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ) : أي لا إله إلّا الله ، هي دعوة الحقّ. قال : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) : أي الأوثان (لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ) : وهو مثل الذي يعبد الأوثان إذا رجا الحياة في عبادته (٢) كالذي يرفع بيده الإناء الذي فيه الماء يرجو به الحياة فمات قبل أن يصل إلى فيه. وقال بعضهم : كباسط كفّيه إلى الماء يدعو الإناء الذي فيه الماء ليأتيه فمات قبل أن يأتيه الإناء. يقول : فكذلك المشركون حيث رجوا منفعة آلهتهم ضلّت عنهم فهلكوا.
قال : (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ) : أي آلهتهم (إِلَّا فِي ضَلالٍ) (١٤).
وقال مجاهد : يدعو الماء بلسانه ، ويشير إليه بيده ولا يأتيه أبدا.
ذكر بعضهم قال : هذا مثل ضربه الله ؛ إنّ هذا الوثن الذي يدعو من دون الله ، إنّه لا يستجيب له بشيء ، أي : لا يسوق له خيرا ، ولا يدفع عنه شرّا حتّى يأتيه الموت ، كمثل هذا الذي يبسط كفّيه إلى الماء ليبلغ فاه ، ولا يصل ذلك إليه حتّى يموت عطشا.
__________________
ـ وهب لنا من لدنك إيمانا ينير بصائرنا ، ويعصمنا من الزلل. آمين.
(١) هو عامر بن الطفيل حسبما ذكره الواحديّ في أسباب النزول ، ص ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، وما رواه المفسّرون : الطبري وابن كثير والقرطبيّ والسيوطيّ في تفسير الآية.
(٢) كذا في المخطوطات الأربع : «إذا رجا الحياة في عبادته» ، وفي ز ورقة ١٦٠ : «إذا رجا الخبر في عبادتها».