وقال بعضهم : هو ميثاق الله الذي أخذه على جميع المؤمنين إذ كلّفهم طاعته ، ف (وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) [البقرة : ٢٨٥]. وهذا الميثاق لكلّ من وجب عليه التكليف من البالغين الأصحّاء.
قوله : (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ). ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : الذي أمر الله به أن يوصل هو أن يؤمن بالنبيّين كلّهم لا يفرّق بين أحد منهم. وقال بعضهم : ما أمر الله به أن يوصل من القرابة. قوله : (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) (٢١). ذكروا عن عائشة رضي الله عنها أنّها سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قول الله : (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) (٨) [الانشقاق : ٨] فقال : (ذلك العرض ، ولكن من نوقش الحساب عذّب) (١).
قال : (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ) : أي الصلوات الخمس ، وحافظوا على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : (من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها يراه حقّا لله عليه حرم على النار) (٢). قوله : (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) : يعني الزكاة المفروضة في تفسير الحسن. (سِرًّا وَعَلانِيَةً). يستحبّ أن تعطى الزكاة علانية والتطوّع سرّا. قال : (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) : يقول : يعفون عن السيّئة إذا أسيء إليهم ، ولا يكافئون صاحبها. فالعفو عنهم حسنة. (أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) (٢٢) : أي دار الآخرة. والعقبى : الثواب ، وهو الجنّة. ذكروا أنّ رجلا قال : يا رسول الله ، إنّ لي جارا يسيء مجاورتي ، أفأفعل به كما يفعل بي؟ قال : (لا ، إنّ اليد العليا خير من اليد السفلى) (٣).
__________________
(١) حديث صحيح متّفق عليه ؛ أخرجه البخاريّ في كتاب الرقاق ، باب من نوقش الحساب عذّب. وأخرجه مسلم في كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها ، باب إثبات الحساب. (رقم ٢٨٧٦).
(٢) انظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٨٠ من سورة البقرة.
(٣) حديث صحيح أخرجه البخاريّ ومسلم وغيرهما بألفاظ مختلفة وزيادات ، عن ابن عمر ، وعن حكيم بن حزام ، وعن أبي هريرة. ولم أجد سبب ورود الحديث كما ذكر هنا في غير هذا التفسير. أخرجه البخاريّ في ـ