(بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ :) أي شركهم. قال مجاهد : قولهم ، وهو الشرك. (وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ :) أي : سبيل الهدى. قال : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٣٣) يهديه (لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) يعني مشركي العرب ، بالسيف يوم بدر ، ولآخر كفّار هذه الأمّة بالساعة ، يعني النفخة الأولى. (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ :) من عذاب الدنيا (وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) (٣٤) : أي يقيهم عذابه.
قوله : (مَثَلُ الْجَنَّةِ :) أي صفة الجنّة (الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ).
ذكروا أنّ أنهار الجنّة تجري في غير خدود : الماء واللبن والعسل والخمر ، فهو أبيض كلّه ، فطينة النهر مسك ، ورضراضه الدرّ والياقوت ، وحافاته قباب اللؤلؤ المجوّف.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ((بينا أنا في الجنّة ، يعني ليلة أسري به ، إذا أنا بنهر ، حافّتاه قباب اللؤلؤ المجوّف ، فضربت بيدي إلى مجرى الماء ، فإذا مسك أذفر ، فقلت ما هذا يا جبريل؟ فقال : هذا الكوثر الذي أعطاك الله)) (١).
قوله : (أُكُلُها دائِمٌ :) أي ثمرها لا ينفد (وَظِلُّها :) أي دائم.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ((إنّ أهل الجنّة ليتناولون من قطوفها وهم متّكئون على فرشهم ؛ فما تصل إلى في أحدهم حتّى يبدّل الله مكانها أخرى)) (٢).
ذكروا عن ابن مسعود قال : نخل الجنّة نضيد ما بين أصلها إلى فرعها ، وتمرها كالقلال ، كلّما نزعت تمرة عادت تمرة. وأنهارها تجري في غير خدود ، العنقود منها اثنا عشر ذراعا ، منضود من أعلاه إلى أسفله ، ليس في شيء منه عجم ، أحلى من العسل ، وأشدّ بياضا
__________________
(١) حديث صحيح ، أخرجه البخاريّ في كتاب الرقاق ، باب في الحوض ؛ عن أنس بن مالك. والأذفر هنا : الريح الطيّبة الذكيّة. وقيل : الأذفر : هو الخالص الذي لا خلط له.
(٢) لم أجده بهذا اللفظ عينه فيما بين يديّ من المصادر ، وقد روي عن البراء بن عازب قال : إنّ أهل الجنّة يأكلون من ثمار الجنّة قياما وقعودا ومضطجعين. والحديث موقوف وإسناده حسن من رواية البيهقي.