قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) : قال الحسن : بديننا. وقال مجاهد : بالبيان (١). (أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) : أي من الضلالة إلى الهدى (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) : أي بنعم الله في تفسير الحسن ومجاهد. قال الحسن : التي أنعم الله عليهم بها إذ نجاهم من آل فرعون ، وأنزل عليهم المنّ والسلوى ، وما أنعم عليهم به.
وقال الكلبيّ : (وذكّرهم بأيّام الله) : النعيم والبلاء ؛ يذكّرهم ما أنعم الله عليهم ، ويذكّرهم البلاء ، كيف أهلك قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وقوم شعيب. يقول : ذكّرهم هذا وهذا. وقد قال في آية أخرى : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) [الجاثية : ١٤] أي : أيّام الآخرة ، وهم المشركون ، ثمّ أمر بقتالهم بعد. قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (٥) : والشكور هو المؤمن.
قوله : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ). ثمّ أخبر بتلك النعمة فقال : (إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ) : أي يذيقونكم شدّة العذاب (وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) : أي فلا يقتلونهنّ (وَفِي ذلِكُمْ) : أي فيما نجّاكم منهم (بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) (٦) : أي نعمة من ربّكم عظيمة (٢). وقال في آية أخرى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) أي : بغى في الأرض (وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) [القصص : ٤] أي : فرقا ؛ يقتل طائفة ، ويستحيي طائفة ، ويستعبد طائفة ، فهو الذي كان يسومهم سوء العذاب.
قوله : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ) : قال بعضهم : وإذ قال ربّكم. وقال الحسن : (تأذّن
__________________
(١) كذا في المخطوطات : «بالبيان». وفي تفسير مجاهد ، ص ٣٣٣ : «بالبيّنات». وفي تفسير الطبريّ ، ج ١٦ ص ٥١٨ : «عن مجاهد : التسع الآيات : الطوفان وما معه».
(٢) هذا وجه من وجهي التأويل ، وقد أورد الفرّاء في معاني القرآن ، ج ٢ ص ٦٩ الوجهين معا ؛ فقال موضحا وموجزا : «يقول : فيما كان يصنع بكم فرعون من أصناف العذاب بلاء عظيم ، من البلية. ويقال : في ذلكم نعم من ربّكم عظيمة إذ أنجاكم منها. والبلاء قد يكون نعما وعذابا ، ألا ترى أنّك تقول : إنّ فلانا لحسن البلاء عندك ، تريد الإنعام عليك».