قوله : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ) : يعني بالإنسان ههنا المشرك (١) (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) (٤) : وهو كقوله : (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) (٧٨) [يس : ٧٧ ـ ٧٨].
قوله : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها) : يعني الإبل والبقر والغنم (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ) : أي ما يصنع من الكسوة من أصوافها وأوبارها وأشعارها. (وَمَنافِعُ) : في ظهورها. هذه الإبل والبقر ، وألبانها في جماعتها. قال : (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (٥) : أي من جماعتها ، أي : لحومها. ويؤكل من البقر والغنم السمن.
وقال بعضهم : (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ) أي : لباس. وقال مجاهد : لباس ينسج.
وقال مجاهد في قوله : (وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) قال : منها مركب ولحم ولبن.
قوله : (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ) : أي حين تروح عليكم راجعة من الرعي. (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) (٦) : أي : تسرحونها إلى الرعي.
وقال بعضهم : (ولكم فيها جمال حين تريحون) يعني الإبل. وهي أعجب ما تكون إذا راحت عظاما ضروعها ، طوالا أسنمتها ، (وحين تسرحون) إذا سرحت لرعيها.
قوله : (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ) : أي البلد الذي تريدونه.
وفي تفسير الحسن أنّها الإبل والبقر. (إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) : أي لو لا أنّها تحمل أثقالكم لم تكونوا بالغي ذلك البلد إلّا بمشقّة على أنفسكم. وقال بعضهم : إلّا بجهد الأنفس. ومن فسّرها بجهد الأنفس فهو يقرأها بشقّ الأنفس.
(إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٧) : يقول : فبرأفة الله وبرحمته سخّر لكم هذه الأنعام ، وهي للكافر رحمة الدنيا ليرزقه فيها من النعم.
__________________
(١) وقيل : الإنسان هنا اسم جنس ، ويقصد به جميع الناس ولا يخصّ به المشرك من غيره.