بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ) [الأنعام : ١٣٦]. وقد فسّرناه قبل هذا الموضع (١). [وقال بعضهم : هم مشركو العرب جعلوا لأوثانهم وشياطينهم نصيبا ممّا رزقهم الله] (٢).
قال : (تَاللهِ) : وهو قسم ، أقسم الله بنفسه (لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ) (٥٦) : يقوله لهم ، لما يقولون إنّ الأوثان تقرّبهم إلى الله زلفى ، وإنّ الله أمرهم بعبادتها.
قوله : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ) : كان مشركو العرب يقولون : إنّ الملائكة بنات الله. قال الله : (سُبْحانَهُ) : ينزّه نفسه عمّا قالوا (وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) (٥٧) : أي ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون ، أي : الغلمان.
قال : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى) التي جعلها لله ـ زعم ـ حيث جعلوا لله البنات ، يعنون الملائكة (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) : أي مغبّرا (وَهُوَ كَظِيمٌ) (٥٨) : أي قد كظم على الغيظ والحزن (٣).
قال : (يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ) : يقول : يتفكّر كيف يصنع بما بشّر به ، أيمسكه ، أي : يمسك الذي بشّر به ، أي : الابنة (عَلى هُونٍ) : أي على هوان (أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) : أي فيقتل ابنته ، يدفنها حيّة حتّى تموت مخافة الفاقة.
كان أحدهم يقتل ابنته مخافة الفاقة ويغذو كلبه ، وكانوا يقولون : الملائكة بنات الله ، فالله صاحب بنات. جلّ ربّنا عن اتّخاذ الولد وعمّا وصفه به أهل الجاهليّة ، فألحقوا البنات به.
قال الله : (أَلا ساءَ) : أي بئس (ما يَحْكُمُونَ) (٥٩) : إذ جعلوا لله ما لم يرضوا أن
__________________
(١) انظر ما سلف في هذا التفسير ، ج ١ ، تفسير الآية ١٣٦ من سورة الأنعام.
(٢) زيادة من سع.
(٣) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ١ ص ٣٦١ : «(وهو كظيم) أي : يكظم شدّة حزنه ووجده ولا يظهره ، وهو في موضع كاظم ، خرج مخرج عليم وعالم».