يخصّوه لأنفسهم. وهذا مثل ضربه الله لهم.
ثمّ قال : (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) : أي إنّه (لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) [الإسراء : ١١١] (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٦٠).
قال بعضهم في قوله : (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) قال : الإخلاص والتوحيد.
قوله : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ) : أي لحبس المطر فأهلك حيوان الأرض. (وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ) : أي يؤخّر المشركين والمنافقين (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : أي إلى الساعة لأنّ آخر كفّار هذه الأمّة أخّر عذابها بالاستئصال إلى النفخة الأولى. (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) : أي بعذاب الله (لا يَسْتَأْخِرُونَ) : أي عن العذاب (١) (ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٦١).
قوله : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ) : أي يجعلون لله البنات ويكرهونها لأنفسهم (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ) : أي يتكلّمون به ويعلنون به (أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) : أي الغلمان. وفي تفسير الحسن : أنّ لهم الجنّة ، إن كانت جنّة ؛ كقول الكافر : (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) [فصلت : ٥٠] أي : إن رجعت ، وكانت ثمّ جنّة.
قال الله : (لا جَرَمَ) : وهي كلمة وعيد (أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) (٦٢) : أي معجّلون إلى النار. وبعضهم يقرأها : (مفرطون) أي : منسيّون فيها مضيّعون وبعضهم يقرأها : (مفرّطون) يعني أنّهم مفرّطون ؛ كقوله تعالى : (يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) [الأنعام : ٣١] (٢).
__________________
(١) هذا شرح للجارّ والمجرور «عنه» الذي زادته خطأ كلّ المخطوطات ، حتّى سع. والصحيح هنا في النحل وفي الأعراف : ٣٤ ، وفي يونس : ٤٩ : (لا يستاخرون ساعة). وجاء (عنه) في سورة سبأ : ٣٠ (قل لّكم مّيعاد يوم لّا تستاخرون عنه ساعة ولا تستقدمون). وهذا ـ ولا شكّ ـ خطأ من النسّاخ الأوائل تبعهم فيه من بعدهم.
(٢) ذكر المؤلّف هنا قراءتين : (مفرطون) ، ولها معنيان ، و (مفرّطون) ، بتشديد الراء المكسورة. ولم يشر إلى ـ