قوله : (تَاللهِ) قسم ، أقسم الله بنفسه (لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ) : يعني من أهلك بالعذاب من الأمم السالفة. (فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ) وإلى يوم القيامة (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦٣) : أي في الآخرة.
قوله : (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) : أي القرآن (إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٦٤).
قوله : (وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) : أي الأرض اليابسة التي ليس فيها نبات فيحييها بالمطر ، فتنبت بعد إذ لم يكن فيها نبات. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (٦٥) فيعلمون أنّ الذي أحيى هذه الأرض الميتة حتّى أنبتت قادر على أن يحيي الموتى ، لأنّ المشركين لا يقرّون بالبعث.
قوله : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) (٦٦) يقول : في هذا اللبن الذي أخرجه الله من بين فرث ودم آية لقوم يعقلون ، فيعلمون أنّ الذي أخرجه من بين فرث ودم قادر على أن يحيي الموتى.
قوله : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) : أي وجعل لكم من ثمرات النخيل والأعناب ما تتّخذون منه سكرا ورزقا حسنا.
ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : السّكر ما حرم الله من ثمراتها ، والرزق الحسن ما أحلّ الله من ثمراتها.
قال بعضهم : نزلت قبل تحريم الخمر ؛ قال : أمّا الرزق الحسن فهو ما أحلّ الله من
__________________
ـ القراءة الثالثة : (مفرطون) بتخفيف الراء المكسورة ، وهي قراءتنا في المغرب الإسلاميّ ، عن نافع ، وهي بمعنى الإسراف في الشيء ومجاوزة الحدّ فيه. وقد أشار إلى هذه القراءة الأخيرة الطبريّ في تفسيره ج ١٤ ص ١٢٩ ، وقال : «بتأويل أنّهم مفرطون في الذنوب والمعاصي مسرفون فيها». وانظر التيسير للداني ، ص ١٣٨ ، والحجّة لابن خالويه ، ص ١٨٧. وفي مخطوطة ز ورقة ١٧٥ : «قال محمّد : وقراءة نافع (مفرطون) بتسكين الفاء وكسر الراء ، وهو من الإفراط في معصية الله».