ذكروا عن عبد الله بن مسعود قال : الحفدة الأختان (١).
قوله : (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) : على الاستفهام ، أي : قد آمنوا بالباطل ، والباطل إبليس. (وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) (٧٢) : وهو كقوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) [إبراهيم : ٢٨] وكقوله : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٨٢) [الواقعة : ٨٢] يقول : تجعلون مكان الشكر التكذيب.
قوله : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً) : يعني آلهتهم التي يعبدون من دون الله (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) (٧٣) : مثل قوله : (وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً) (٣) [الفرقان : ٣] أي : ولا بعثا. قال : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) : أي الأشباه ، فتشبّهوا هذه الأوثان الميتة التي لا تحيي ولا تميت ولا ترزق ، بالله الذي يحيي ويميت ويرزق ويفعل ما يريد. (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٧٤).
قوله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) : يعني الوثن (وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) : يعني المؤمن (فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً) قال : (هَلْ يَسْتَوُونَ) : يعني هل يستوي هذا الذي يعبد الوثن الذي لا يقدر على شيء ، والذي يعبد الله الذي يرزقه الرزق الحسن ، أي : إنّهما لا يستويان. ثمّ قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) : أي الشكر الله (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٧٥). قال بعضهم : هذا مثل ضربه الله للكافر ؛ رزقه الله مالا فلم يقدّم فيه خيرا ، ولم يعمل فيه بطاعة الله. قال الله (وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ) فهذا المؤمن ؛ أعطاه الله رزقا حلالا طيبا ، فعمل فيه بطاعة الله ، وأنفق منه في سبيل الله ، وأخذه بشكر. قال الله : هل يستويان مثلا ، أي : إنّهما لا يستويان.
__________________
(١) الختن : كلّ من كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ ، وقيل : هو زوج بنت الرجل خاصّة. وقد وردت معان كثيرة للحفدة ، وأصلها راجع إلى الخدمة والسرعة في العمل. وجاء في دعاء القنوت : «وإليك نسعى ونحفد» أي : نسرع إلى العمل بطاعتك. انظر هذه المعاني المختلفة التي أوردها الطبريّ في تفسيره ، ج ١٤ ص ١٤٣ ـ ١٤٧ ، وانظر ما قاله الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ١١٠ ، وانظر اللسان (حفد).