مَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٧٢].
قوله : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) : أي يعرفون ويقرّون أنّ الله هو الذي خلقهم وخلق السماوات والأرض ، وأنّه هو الرزاق ، ثمّ ينكرونها ، أي : بتكذيبهم. قال مجاهد : يعني نعمة الله التي قصّ في هذه السورة. قال : (وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) (٨٣) : يعني جماعتهم كلّهم. كقوله : (يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) (٢٢٣) [الشعراء : ٢٢٣] أي : كلّهم.
قوله : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) : أي نبيّها يشهد عليهم أنّه قد بلّغهم. (ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٨٤) : هي مثل قوله : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (٣٦) [المرسلات : ٣٥ ـ ٣٦] أي : بحجّة. وهي مواطن ، لا يؤذن لهم في موطن في الكلام ، ويؤذن لهم في موطن.
قوله : (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ) : يعني المشركين (فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) (٨٥) : أي سألوا الله أن يؤخّرهم ويردّهم إلى الدنيا حتّى يتوبوا فلم ينظرهم ، أي : لم يؤخّرهم.
(وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ) : أي إذا رأوا الشياطين الذين كانوا يضلّونهم في الدنيا ، أي : يعرف كلّ إنسان شيطانه (قالُوا رَبَّنا) : أي يقول بنو آدم : ربّنا (هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا) : يعني بني إبليس (الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ) : لأنّهم هم الذين دعوهم إلى عبادة الأوثان. قال الله : (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) (١١٧) [النساء : ١١٧] (فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ) : أي فألقى بنو آدم إلى بني إبليس القول فقالوا لهم : (إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) (٨٦) : أي : إنّكم كذبتمونا في الدنيا وغررتمونا (١) (وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) : أي أعطوا الإسلام يومئذ واستسلموا له ، أي : آمنوا بالله وكفروا
__________________
(١) كذا في المخطوطات وفي ز وسع ، وهو وجه من وجوه التأويل. وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ١١٢ : «(فألقوا إليهم القول) آلهتهم ردّت عليهم قولهم : (إنّكم لكاذبون) أي : لم ندعكم إلى عبادتنا».