فقام الأشعث بن قيس فأخذ بمنكبي امرئ القيس فقال : ويلك يا امرأ القيس إنّه قد نزلت آيتان فيك وفي صاحبك ، خيرتهما له ، والأخرى لك ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من اقتطع مال رجل مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه ساخط. فأقبل امرؤ القيس فقال : يا رسول الله ، ما أنزل في؟ فتلا عليه الآيتين ، فقال امرؤ القيس : أمّا ما عندي فينفد ، وأمّا صاحبي فيجازى بأحسن ما كان يعمل ؛ اللهمّ إنّه صادق ، وإنّي أشهد الله أنّه صادق ، ولكن والله ما أدري ما بلغ ما يدّعي من أرضه في أرضي ، فقد أصبتها منذ زمان ، فله ما ادّعى في أرضي ومثلها معها. فنزلت هذه الآية (١).
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩٧) : فقال امرؤ القيس : إليّ هذه الآية يا رسول الله؟ قال : نعم ، فكبّر امرؤ القيس ، وحمد الله وشكره.
ذكر بعضهم في قوله : (فلنحيينّه حياة طيّبة) قال : هي القناعة. وقال بعضهم : هي الجنّة.
قوله : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (٩٨) : والرجيم الملعون ، رجمه الله باللعنة. قال الحسن : نزلت في الصلاة ، ثمّ صارت سنّة في غير الصلاة إذا أراد أن يقرأ ، وليس بمفروض.
قوله : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٩٩) : وهو كقوله : (إِنَّ عِبادِي) يعني المؤمنين (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) [الحجر : ٤٢] أي : لا تستطيع أن تضلّهم ؛ وكقوله : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ) [الزمر : ٣٧].
__________________
(١) روى هذا الحديث وسبب وروده يحيى بن سلّام بدون سند ، على غير عادته. والحديث صحيح أخرجه أحمد في مسنده ، وأخرجه مسلم عن وائل بن حجر في كتاب الأيمان ، باب وعيد من اقتطع حقّ مسلم بيمين فاجرة بالنار ، ولفظ مسلم مختصر ، (رقم ١٣٩) وفيه : «فانطلق ليحلف ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا أدبر : «أما إنّه لو حلف على ماله ليأكله ظلما ليلقينّ الله تعالى وهو عنه معرض».