قال : (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) : أي الشيطان ، أي : يعبدونه ويطيعونه ، قال الحسن من غير أن يستطيع أن يكرههم هو عليه. وهو مثل قوله : (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ) (١٦٢) أي : بمضلّين (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (١٦٣) [الصافّات : ١٦٢ ـ ١٦٣] أي : لا تضلّوا إلّا من هو صالي الجحيم. وكقوله : (وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٧٨) [الأعراف : ١٧٨] أي : لا يضلّ إلّا خاسرا.
قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (١٠٠) : أي والذين هم بالله مشركون. فيها تقديم ؛ وتقديمها : فاستعذ بالله ، ثمّ قال : (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) ، أي : بالله ؛ رجع إلى الكلام الأوّل. قال الحسن : أشركوا الشيطان بعبادة الله.
قوله : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (١٠١) : وهذا في الناسخ والمنسوخ في تفسير بعضهم.
قال الحسن : كانت الآية إذا نزلت فعمل بها وفيها شدّة ، ثمّ نزلت بعدها آية فيها لين قالوا : إنّما يأمر محمّد أصحابه بالأمر ، فإذا اشتدّ عليهم صرفهم إلى غيره ، ولو كان هذا الأمر من عند الله لكان أمرا واحدا وما اختلف ، ولكنّه من قبل محمّد.
قال الله : (قُلْ) : يا محمّد (نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ) : والقدس الله ، وروحه جبريل ، فأخبر أنّه نزل به جبريل من عند الله ، وأنّ محمّدا لم يغيّر منه شيئا. قال : (لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (١٠٢).
قوله : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) : يعنون عبدا لابن الحضرميّ (١) في قول الحسن وغيره. وبعضهم يقول : عدّاس ، غلام عتبة. وكان الكلبيّ يجمعهما جميعا ويقول : كان عدّاس يهوديّا فأسلم. وكانا يقرآن كتابهما بالعبرانيّة ، وكانا أعجميّي اللسان.
__________________
(١) قيل : كان يسمّى جبرا ، وقال آخرون : اسمه يعيش. وانظر تفسير الطبريّ ، ج ١٤ ، ص ١٧٧ ـ ١٧٩.