وذكرت آلهتهم بخير. قال : فقال لي رسول الله : كيف تجد قلبك؟ قلت : أجد قلبي مطمئنّا بالإيمان. قال : فإن عادوا فعد. فبلغنا أنّ هذه الآية نزلت عند ذلك : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) أي : راض بالإيمان (١). قال : (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) : قال بعضهم : يعني عبد الله بن أبي سرح ، (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٠٦) : أي في الآخرة.
قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) : أي اختاروا الحياة الدنيا على الآخرة (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (١٠٧) : يقول : لا يكونون بالكفر مهتدين عند الله ، يعني الذين يلقون الله بكفرهم.
(أُولئِكَ) : أي الذين هذه صفتهم (الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) : أي بكفرهم (وَأُولئِكَ) : أهل هذه الصفة (هُمُ الْغافِلُونَ) (١٠٨).
(لا جَرَمَ) : وهي كلمة وعيد (أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٠٩) : أي خسروا أنفسهم أن يغنموها فصاروا في النار ، وخسروا أهليهم من الحور العين ، فهو الخسران المبين. وتفسيره في سورة الزمر (٢). قوله : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا) : أي من بعد ما عذّبوا (ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (١١٠) : قال الحسن : إنّهم قوم كانوا بمكّة ، فعرضت لهم فتنة ، فارتدّوا عن الإسلام ، وشكّوا في نبيّ الله ، ثمّ إنّهم أسلموا وهاجروا إلى رسول الله بالمدينة ، ثمّ جاهدوا معه وصبروا ، فنزلت فيهم هذه الآية.
وقال بعضهم : ذكر لنا أنّه لمّا أنزل الله أنّ أهل مكّة لا يقبل منهم إسلام حتّى يهاجروا ،
__________________
(١) أورد ابن سلّام بعد هذه الرواية رواية أخرى أكثر تفصيلا لقصّة عمّار بن ياسر ، انظر : مخطوطة سع ورقة ٤. وانظر : الواحدي ، أسباب النزول ، ص ٢٨٨ ، وانظر : الدر المنثور للسيوطيّ ، ج ٤ ص ١٣٢ ـ ١٣٣.
(٢) يشير إلى قوله تعالى في سورة الزمر : ١٥ : (قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ).