السبت وأبوا إلّا السبت. فاختلافهم أنّهم أبوا الجمعة واختاروا السبت. ذكروا أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال : نحن الآخرون ونحن السابقون ، ذلك بأنّهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم. وهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له ، فاليوم لنا [يعني الجمعة] (١) وغدا لليهود [يعني السبت] ، وبعد غد للنصارى [يعني الأحد] (٢).
قوله : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ) : أي إلى الهدى وهو الطريق إلى الجنّة. (بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) : أي بالقرآن (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : يأمرهم بما أمرهم الله به ، وينهاهم عمّا نهاهم الله عنه (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) : أي عن طريق الهدى (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (١٢٥) : أي أنّهم مشركون ضالّون وأنّ محمّدا وأصحابه مؤمنون مهتدون.
قوله : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) (١٢٦). ذكر ابن عبّاس قال : مثّل المشركون بحمزة يوم أحد ، وقطعوا مذاكيره [فلمّا رآه النبيّ عليهالسلام جزع جزعا شديدا فأمر به فغطّي ببردة كانت عليه ، فمدّها على وجهه ورأسه ، وجعل على رجليه إذخر] (٣) ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لأمثّلنّ بثلاثين من قريش (٤) ، فأنزل الله : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ). قوله : (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) : فصبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يمثّل. ذكروا عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم أنّه نهى عن المثلة (٥).
__________________
(١) ما بين المعقوفين زيادة من سع ، ورقة : ٥.
(٢) حديث متّفق عليه ، أخرجه البخاريّ في كتاب الجمعة ، باب فرض الجمعة ، وأخرجه مسلم في كتاب الصلاة ، باب هداية هذه الأمّة ليوم الجمعة (رقم ٨٥٥). وأخرجه أحمد في مسنده والنسائيّ وغيرهم. كلّهم يرويه من حديث أبي هريرة.
(٣) زيادة من سع ، ورقة ٥.
(٤) انظر هذا الخبر في أسباب النزول للواحديّ ، ص ٢٩٠ فقد رواه عن ابن عبّاس بتفصيل أكثر.
(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك عن عمران ، ورواه الطبرانيّ عن ابن عمر وعن المغيرة.