وقال مجاهد : (كان أمّة) أي : كان وحده مؤمنا والناس كفّارا. (قانتا) أي : مطيعا لله.
ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : إنّ معاذ بن جبل كان أمّة. وقال ابن مسعود : إنّ معاذا كان يعلّم الخير ؛ وكلّ من يعلّم الخير فهو أمّة ، وهو إمام ، وهو القائد (١) الذي يقتدى به. (حَنِيفاً) : أي مخلصا (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٢٠).
(شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ) : أي للنبوّة ، اختاره لها واصطفاه ، واجتبى واصطفى واختار واحد. (وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٢١) : أي إلى الجنّة.
قوله : (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) : وهو كقوله : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) [العنكبوت : ٢٧]. ذكر بعضهم قال : ليس من أهل دين إلّا وهم يتولّونه ، أي : يرتضونه. قال : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) (١٠٨) [الصافّات : ١٠٨] أي : وأبقينا عليه الثناء الحسن في الآخرين. قال : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (١٢٢) : والصالحون أهل الجنّة ، وأفضلهم الأنبياء.
قوله : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) : يا محمّد (أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣) إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) : قال بعضهم [استحلّه بعضهم وحرّمه بعضهم] (٢) (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (١٢٤) : وحكمه فيهم أن يدخل المؤمنين منهم الجنّة ويدخل الكافرين النار.
وقال الكلبيّ : إنّ موسى أمر قومه أن يتفرّغوا إلى الله في كلّ سبعة أيّام يوما يعبدونه ولا يعملون فيه من صنعتهم شيئا ، والستّة أيام لصنعتهم ؛ فأمرهم بالجمعة فاختاروا هم
__________________
(١) في ق وع وج ود : «وهو القادة» (كذا) وهو خطأ. وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ١١٤ : «معلما للخير». وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ١ ص ٣٦٩ : «أي : إماما مطيعا لله». وقال : «(حنيفا) مسلما ؛ ومن كان في الجاهليّة يختتن ويحجّ البيت فهو حنيف».
(٢) زيادة من سع.