الآيات إلّا ربّ السماوات والأرض بصائر (١).
قوله : (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) (١٠٢) : أي مسحورا (٢) في تفسير مجاهد وغيره ؛ أي : يدعو بالحسرة والثبور في النار. والثبور : الدعاء بالويل والهلاك. وقال الكلبيّ : (مثبورا) أي : ملعونا (٣).
قوله : (فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ) : أي أن يخرجهم (مِنَ الْأَرْضِ) : أي أرض مصر.
وقال الحسن : يقتلهم ، يخرجهم منها بالقتل.
قال : (فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (١٠٣) وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) : أي القيامة (جِئْنا بِكُمْ) : يعني بني إسرائيل وفرعون وقومه (لَفِيفاً) (١٠٤) : أي جميعا في تفسير مجاهد وغيره.
قوله : (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ) : أي القرآن (وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً) : بالجنّة (وَنَذِيراً) (١٠٥) : تنذر الناس.
قوله : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ) : أنزله الله في ثلاث وعشرين سنة. (وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) (١٠٦). فمن قرأها بالتخفيف ، قال : (فرقناه) أي : فرق فيه بين الحقّ والباطل والحلال والحرام (٤). وكان الحسن يقرأها مثقّلة فيقول : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ) قال : فرّقه
__________________
(١) انظر في معاني الفرّاء ، ج ٢ ص ١٣٢ اختلاف القرّاء في فتح التاء أو ضمّها في قوله تعالى : (لَقَدْ عَلِمْتَ) قال الفرّاء : «والفتح أحبّ إليّ».
(٢) كذا وردت الكلمة في المخطوطات الأربع : «مسحورا» ، ولم أهتد لوجه صحيح لها ، وفي سع ورقة ١٩ و :«محسورا» ، ولعلّها تصحيف لكلمة : «محسّر» بمعنى مؤذى ، محتقر ، مطرود ، كما جاء في اللسان : (حسر) ، وفي ز ، ورقة ١٩٠ : «مهلكا» وهذه أصحّ ، وهي موافقة لما جاء في تفسير مجاهد ، ص ٣٧١.
(٣) وهنالك معنى آخر ذكره الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ١٣٢ حيث قال : «وقوله : (يا فرعون مثبورا) : ممنوعا من الخير. والعرب تقول : ما ثبرك عن ذا ، أي : ما منعك منه وصرفك عنه». وأرى أنّ المعنى الصحيح المناسب هو معنى الهلاك ؛ وبذلك فسّره أبو عبيدة وابن قتيبة فقد قالا : «(مثبورا) أي : مهلكا».
(٤) أمّا الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ١٣٣ فقال : «وأمّا (فرقناه) بالتخفيف فقد قرأه أصحاب عبد الله ، والمعنى : أحكمناه وفضّلناه ؛ كما قال : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان : ٤] أي : يفصّل».