دقيانوس ، فأخرج الدراهم ليشتري بها الطعام استنكرت الدراهم ، فأخذ وذهب به إلى ملك المدينة ، فإذا الدراهم دراهم الملك الذي فرّوا منه ، فقالوا : هذا رجل وجد كنزا. فلمّا خاف على نفسه أن يعذّب أطلع على أصحابه. فقال لهم الملك : إنّ الله قد بيّن لكم ما اختلفتم فيه ، فأعلمكم أنّ الناس يبعثون في أجسادهم.
فركب الملك والناس معه حتّى انتهوا إلى الكهف. وتقدّمهم الرجل. حتّى إذا دخل على أصحابه فرآهم ورأوه ماتوا ، لأنّهم قد كانت أتت عليهم آجالهم.
فقال القوم : كيف نصنع بهؤلاء ف (فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) : وهم رؤساؤهم وأشرافهم ، وقال بعضهم : مؤمنوهم (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) (٢١).
ذكر عكرمة أنّهم كانوا بني الأكفاء والرقباء ملوك الروم (١) ، رزقهم الله الإسلام ففرّوا بدينهم ، واعتزلوا قومهم حتّى انتهوا إلى الكهف ، فضرب الله على أصمختهم (٢) ، فلبثوا دهرا طويلا حتّى هلكت أمّتهم ، وجاءت أمّة مسلمة. وكان ملكهم مسلما ، فاختلفوا في الروح والجسد ؛ فقال قائلون : يبعث الروح والجسد معا. وقال قائلون : تبعث الأرواح ، أمّا الأجساد فتأكلها الأرض فلا تكون شيئا.
فشقّ على ملكهم اختلافهم ؛ فانطلق فلبس المسوح ، وقعد على الرماد. ثمّ دعا الله فقال : إنّك ترى اختلاف هؤلاء ، فابعث لهم آية تبيّن لهم بها. فبعث الله لهم أصحاب الكهف. فبعثوا أحدهم ليشتري لهم من الطعام ، فجعل ينكر الوجوه ويعرف الطرق ،
__________________
ـ والواو ساكنة : بلد بثغور طرسوس. يقال إنّه بلد أصحاب الكهف».
(١) كذا في المخطوطات وفي سع ورقة ١٦ ط : «بني الأكفاء والرقباء ملوك الروم». وفي الدرّ المنثور ، ج ٤ ص ٢١٤ : «أبناء الملوك». وفيه عن مجاهد : «كان أصحاب الكهف أبناء عظماء أهل مدينتهم وأهل شرفهم».
(٢) كذا في ق وع : «أصمختهم» ومفرده صماخ ، وهو الخرق الباطن المفضي إلى الدماغ. وفي سع : «أسمختهم» وهو لغة في «أصمختهم». وفي ج ود : «أسماعهم».