قوله : (وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) (٢٧) : أي وليّا ولا موئلا (١). قوله : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) وهما الصلاتان : صلاة الصبح وصلاة العصر. وإنّما فرضت الصلوات الخمس قبل خروج النبيّ عليه الصلاة والسّلام من مكّة إلى المدينة بسنة. ثمّ نزلت هذه الآية في سلمان الفارسيّ ، وبلال ، وصهيب ، وخبّاب بن الأرتّ ، وسالم ، مولى أبي حذيفة. قال المشركون للنبيّ : إن أردت أن نجالسك فاطرد عنّا هؤلاء القوم ، فأنزل الله : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ) [الأنعام : ٥٢].
قال : (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) محقرة لهم إلى غيرهم (٢) (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) [قال بعضهم : ذكروا عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لذكر الله بالغداة والعشيّ أفضل من حطم السيوف في سبيل الله ومن إعطاء المال سحّا] (٣).
قوله : (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (٢٨) : أي ضياعا. وهو مثل قوله : (يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) [الأنعام : ٣١] أي : على ما ضيّعنا فيها.
قال : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) : يعني القرآن (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) : وهذا وعيد هوله شديد ، أي : من آمن دخل الجنّة ، ومن كفر دخل النار. قال : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ) : أي للمشركين والمنافقين (ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) : أي سورها ، ولها عمد. فإذا مدّت تلك العمد أطبقت على أهلها ، وذلك حين يقول : (اخْسَؤُا
__________________
(١) كذا في ق وع ود : «وليّا ولا موئلا». وفي تفسير الطبريّ ، ج ١٥ ص ٢٣٣ عن قتادة : «ملجأ ولا موئلا». وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ١ ص ٣٩٨ : «أي : معدلا ، واللحد منه والإلحاد».
(٢) «أي : لا تنصرف عيناك عنهم» ، كما ذكره الفراء.
(٣) زيادة من ز ، ورقة ١٩٤ ، ومن سع ورقة ١٧ ، وحيث ورد الحديث بالسند التالي : «يحيى عن أشعث عن يعلى بن عطاء عن عمرو بن عاصم عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ...» وقد أورد ابن سلّام أحاديث في فضل الذكر ومجالسته الذاكرين الله. وانظر الدر المنثور ، ج ٤ ، ص ٢١٩ ـ ٢٢٠.