(وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها) : أي من جنّتي (مُنْقَلَباً) (٣٦) : أي في الآخرة إن كانت آخرة. كقوله : (رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) [فصّلت : ٥٠] أي : الجنّة إن كانت جنّة ، أي : ولكن ليس جنّة ولا مردّ.
وهي تقرأ على وجه آخر : (لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهما مُنْقَلَباً) يعني الجنّتين ؛ هي في موضع جنّة ، وفي موضع جنّتان. قال : (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ) وقال : (جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ) كانت جنّة فيها نهر ، فصارت جنّتين ، فهي جنّة وهي جنّتان.
(قالَ لَهُ صاحِبُهُ) المؤمن (وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ) : يعني أوّل خلق الإنسان ، يعني آدم. (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (٣٧) لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) (٣٨).
(وَلَوْ لا) : أي فهلّا (إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ). ثمّ قال : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً (٣٩) فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ) : في الآخرة (خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ) : أي نارا من السماء ، يقول : عذابا من السماء ، وهي النار (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) (٤٠) : أي لا نبات فيها. والصعيد الزلق : التراب اليابس الذي لا نبات فيه (١). وقال بعضهم : قد حصد ما فيها فلم يترك فيها شيء. (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً) : أي ذاهبا قد غار في الأرض (٢) (فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً) (٤١). وقال الكلبيّ : الغور : الذي لا تناله الدلاء.
قال الله : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) : أي من الليل (فَأَصْبَحَ) : من الغد قائما عليها (يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ) : أي يصفّق كفّيه. قال الحسن : يضرب إحداهما على الأخرى ندامة. (عَلى ما أَنْفَقَ
__________________
(١) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ١ ص ٤٠٣ : «الصعيد وجه الأرض ، والزلق الذي لا يثبت فيها القدم».
(٢) وقال أبو عبيدة : «(أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً) أي : غائرا ، والعرب قد تصف الفاعل بمصدره ، وكذلك الاثنين والجميع على لفظ المصدر. قال عمرو بن كلثوم :
تظلّ جياده نوحا عليه |
|
مقلّدة أعنّتها صفونا |
أي : نائحات».