أحد ضالّا ولا مهتديا إلّا بعد الأمر والنهي ، فمن فعل ما أمر به كان مهتديا ، ومن فعل ما نهي عنه كان ضالّا. (أَنْتَ وَلِيُّنا) : في المنّ والتوفيق والعصمة (فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ) (١٥٥).
قال الكلبيّ : إنّ السبعين قالوا لموسى عليهالسلام حين كلّمه ربّه : يا موسى ، إنّ لنا عليك حقّا ؛ كنّا أصحابك ، لم نختلف ولم نصنع الذي صنع قومنا ، فأرنا الله جهرة كما رأيته. فقال موسى : لا والله ما رأيته. [ولقد أردته على ذلك فأبى] (١) ، ولا يرى. ولقد أبدى الله بعض آياته للجبل فكان دكّا ، وهو أشدّ منّي ، وخررت صعقا ، فلمّا أفقت سألت الله تعالى واعترفت بالخطيئة التي كانت منّي إذ تقدّمت بين يدي الله. فقالوا : فإنّا لن نؤمن لك حتّى نرى الله جهرة. فأخذتهم الصاعقة فاحترقوا عن آخرهم. فظنّ موسى أنّهم إنّما احترقوا بخطيئة أصحاب العجل. فقال لربّه : (رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) ، يعني أصحاب العجل ، (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ ...) إلى آخر الآية. ثمّ بعثهم الله من بعد موتهم فقال : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٥٦) [البقرة : ٥٦]. وقد فسّرنا ذلك في سورة البقرة (٢).
قال بعضهم : ذكر لنا أنّ ابن عبّاس قال : إنّما تناولت الرجفة السبعين لأنّهم لم يزايلوا القوم حين نصبوا العجل ، وقد كرهوا أن يجامعوهم عليه. وذكر لنا أنّ أولئك السبعين كانوا يلبسون الثياب الطاهرة ثمّ يبرزون صبيحة (٣) شاتية إلى البرّيّة فيدعون الله فيها ، فو الله ما سأل القوم يومئذ شيئا إلّا أعطاه الله هذه الأمّة.
ذكر بعضهم في قول الله : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) [القصص : ٤٦] قال : نودي بأمّة محمّد : أجبتكم قبل أن تدعوني ، وأعطيتكم قبل أن تسألوني.
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١١١.
(٢) انظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٥٤ من سورة البقرة.
(٣) كذا في المخطوطات ق وع ود : «ثمّ يبرزون صبيحة شاتية». لعل صوابها : «في الصبيحة الشاتية».