يطويانه حتّى تقوم الساعة. وتقوم الساعة والرجل يخفض ميزانه ويرفعه ، وتقوم الساعة والرجل يليط (١) حوضه ليسقي ما شيته فما يسقيها حتّى تقوم الساعة. وتقوم الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فيه ، فما تصل إلى فيه حتّى تقوم الساعة (٢).
قوله : (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) : فيها تقديم : يسألونك عنها ، يعني الساعة متى قيامها ، كأنّك حفيّ بهم. وقال الكلبيّ : كأنّك بينك وبينهم صداقة ، وهو واحد.
وذكر بعضهم عن مجاهد أنّه قال : كأنّك استحفيت عنها السؤال حتّى علمتها. ومن قال بهذا فليس فيها على هذا التفسير تقديم. قال الحسن : يعني قريشا ؛ يقول : تعلّمهم ما لا تعلّم غيرهم ، أي : لقرابتهم منك. قال الكلبيّ : كأنّك عالم بها ؛ وهي عنده مقدّمة.
وقال بعضهم : قالت قريش : يا محمّد ، أسرّ إلينا أمر الساعة لما بيننا وبينك من قرابة. فقال الله : (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) ، أي كأنّك حفيّ بهم. قال : وهي في هذا التفسير مقدّمة : يسألونك عنها كأنّك حفيّ بهم (٣).
قال : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (١٨٧) : ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : خمس لا يعلمهنّ إلّا الله : ((إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ
__________________
(١) لاط حوضه يليطه ويلوطه ، أي طيّنه وأصلحه لسقي ماشيته. انظر اللسان : (لوط).
(٢) أخرجه البخاريّ في كتاب الرقاق ، باب طلوع الشمس من مغربها ، من حديث أبي هريرة وأوّله : «لا تقوم الساعة حتّى تطلع الشمس من مغربها» وفيه : «... ولتقومنّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ، ولتقومنّ الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها». وأخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة ، باب قرب الساعة (٢٩٥٤) عن أبي هريرة ، وفي ألفاظه : «والرجل يلط في حوضه فما يصدر حتّى تقوم».
(٣) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ١٧٥ : «(حفيّ عنها) أي : معنيّ بطلب علمها ، ومنه يقال : تحفّى فلان بالقوم».