ومن المدينة إلى قتال أهل بدر. وقال مجاهد : لهم درجات عند ربهم ، كما أخرجك ربّك من بيتك كذلك لهم درجات عند ربّهم (١).
قوله : (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥) يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِ) : قال مجاهد والحسن : يعني : في القتال. قال الحسن : ومعنى مجادلتهم أنّهم كانوا يريدون العير ، ورسول الله يريد ذات الشوكة ، أي القتال ، بما وعده الله أن ينصره على أهل بدر.
قوله : (بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) : قال الحسن : من بعد ما أخبرهم الله أنّهم منصورون ، إلّا أنّ بين ذلك قوما يقتلون. (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) (٦) : وهم في ذلك ماضون لأمر الله.
وذلك أنّ عيرا أقبلت من الشام لقريش تحمل التجارة فيها أبو سفيان ، وهو أمير القوم ، وخرج المشركون العرب من الحرم [فيهم] (٢) أبو جهل لقتال رسول الله ، فوعده الله إحدى الطائفتين فقال : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) : ووعدهم الله ذات الشوكة في الإضمار. [ومعنى الشوكة السلاح والحرب] (٣).
__________________
(١) كذا في ق ، وع ، ود ، وز ، ورقة ١١٥. ولكن جاء في تفسير مجاهد ، ص ٢٥٨ ما يلي : «(كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ) يقول : كذلك أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ». ويبدو أنّه خطأ ، صوابه : «كذلك يجادلونك في الحقّ». فقد روى الطبريّ بإسناد في تفسيره ، ج ١٣ ص ٣٩٢ : «عن مجاهد : (كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ) كذلك يجادلونك في الحقّ ، القتال». وهذا الوجه الأخير هو ما رجّحه الطبريّ : «ومعناه كما أخرجك ربّك بالحقّ على كره من فريق من المؤمنين ، كذلك يجادلونك في الحقّ بعد ما تبيّن ، لأنّ كلا الأمرين قد كان ، أعني خروج من خرج من المدينة كارها ، وجدالهم في لقاء العدوّ وعند دنو القوم بعضهم على بعض ...». وأورد أبو عبيدة في مجاز القرآن ، ج ١ ص ٢٤٠ قولا لم أره لغيره فقال : (كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ) مجازه مجاز القسم ، كقولك : والذي أخرجك ربّك ، لأنّ (ما) في موضع الذي ، وفي آية أخرى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) أي والذي بناها». وهذا تأويل بعيد.
(٢) زيادة لا بدّ منها ليستقيم المعنى ، أي «خرج المشركون وفيهم» ، أو «وعلى رأسهم أبو جهل».
(٣) زيادة من ز ، ورقة ١١٦. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن ، ج ١ ص ٢٤١ : «مجاز الشوكة : الحدّ ، يقال : ما أشدّ ـ